يردده بين أهل الرأي وأهل الحديث. وقد تبين أن سبب هذا الخلط هو اختلاف الاعتبار عند التقسيم، أو ملاحظة ظواهر عصر ما ثم تعميمها على كل العصور.

أما الفصل الثاني فقد تعرض للصراع الفكري بين المُحَدِّثِينَ وغيرهم من المُتَكَلِّمِينَ وَالفُقَهَاءِ، فبسط مظاهر هذا الصراع، وتحدث عن أسبابه، التي كان من أهمها اختلاف التكوين الثقافي، واعتزاز كل طائفة بنفسها اعتزازًا يصل إلى حد الغرور، وانتساب عناصر سيئة إلى هذه الطوائف الثلاث أساءت إليها، ثم استخلصنا نتائج هذا الصراع وكان أهمها نتيجتين: أولهما: التأليف في علوم الحديث، حيث أثبت البحث أن ما كتبه الرامهرمزي والخطيب البغدادي في ذلك كان صادرًا عن هذا الصراع.

أما النتيجة الثانية فكانت ظهور المذهب الفقهي لأهل الحديث وهو ما عنى به الفصل الثالث، حيث أوضح الفرق بين الفقهاء وغير الفقهاء من أهل الحديث، وشرح العوامل التي أدت إلى ظهور فقه أهل الحديث والتي كان من أهمها محنة ابن حنبل، موثقًا ما أدى إليه البحث خاصًا بهذه النتيجة بأقوال العلماء وسلوكهم في حكاية أقوال المذاهب، وعدهم مذهب أهل الحديث مذهبًا مستقلاً مغايرًا للمذاهب المعاصرة له في القرن الثالث الهجري.

وَبَعْدَ أَنْ بَيَّنَّا من هم المعنيون بأهل الحديث، وأثبتنا وجود مذهب فقهي لهم - كان علينا أن نبحث عن فقههم، وأن نجيب عن التساؤلات حول ملامح هذا الفقه، وأصوله، وعلاقته [بغيره] من المذاهب.

وقد حاول الفصل الرابع أن يجيب عن هذه التساؤلات، ممهدًا لذلك بفصل درسنا فيه بعض الصحابة المكثرين من رواية الحديث، وأوضحنا اتجاهاتهم في الفقه، واخترنا أربعة منهم، قسمناهم إلى مجموعتين: تتكون المجموعة الأولى من السيدة عائشة وابن عباس، وتتكون الثانية من ابن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015