لا نستطيع أن نتابع ابْنَ المُنَيِّرِ في إطلاقه القول بأن البخاري يقول بسد الذرائع كذلك (?).

على أن الأحوط الذي يأخذ به البخاري، ليس في ترك ما يبيحه النص خوفًا من التجرأ على ما لا يبيحه، أو حذرًا من مفسدة يؤول إليها الفعل ولكن الأحوط عنده هو ترجيح لأحد النصين المتعارضين على الآخر: مثل ما ذكرناه من قبل، من أن البخاري روى حديث: «إِذَا التَقَى الخِتَانَانِ وَجَبَ الغُسْلُ» (*) ثم روى حديث: «المَاءُ مِنَ المَاءِ» ولما لم يتضح عنده وجه نسخ الحديث الأول للثاني، قال: «الغَسْلُ أَحْوَطُ» (?).

ومثل ذلك أيضًا ما ذكره من الاختلاف في الفخذ، هل هو عورة، أو لا؟ فقد قال في ترجمته: (بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي الفَخِذِ، وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَرْهَدٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الفَخِذُ عَوْرَةٌ» وَقَالَ أَنَسُ [بْنُ مَالِكٍ]: «حَسَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ فَخِذِهِ». [قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ]: «وَحَدِيثُ أَنَسٍ أَسْنَدُ، وَحَدِيثُ جَرْهَدٍ أَحْوَطُ حَتَّى يُخْرَجَ مِنَ اخْتِلاَفِهِمْ» وَقَالَ أَبُو مُوسَى: «غَطَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُكْبَتَيْهِ حِينَ دَخَلَ عُثْمَانُ». وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: «أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي، فَثَقُلَتْ عَلَيَّ حَتَّى خِفْتُ أَنْ تَرُضَّ فَخِذِي» (?).

وفي الوضوء بالماء الذي ولغ فيه الكلب، يقول البخاري: (بَابُ المَاءِ الذِي يُغْسَلُ بِهِ شَعَرُ الإِنْسَانِ، وَكَانَ عَطَاءٌ: «لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا أَنْ يُتَّخَذَ مِنْهَا الخُيُوطُ وَالحِبَالُ، وَسُؤْرِ الكِلاَبِ وَمَمَرِّهَا فِي المَسْجِدِ». وَقَالَ الزُّهْرِيُّ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015