«أَبْلَغَنِي زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ أنه قَدْ أَبْطَلَ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إِلاَّ أَنْ يَتُوبَ، بِئْسَ مَا اشْتَرَيْتِ وَبِئْسَ مَا شَرَيْتِ. قَالَتْ: «أَرَأَيْتِ إِنْ لَمْ آخُذْ إِلاَّ رَأْسَ مَالِي؟» , قَالَتْ: «{فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ} [البقرة: 275]».
ومثل هذا الوعيد لا يقال بالرأي ولا فيما سبيله الاجتهاد فصح أنه توقيف (?).
وقد أجاز الشافعي وأهل الظاهر هذا البيع. قال ابن حزم: «وَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ مُسَمًّى حَالَّةً، أَوْ إلَى أَجَلٍ [مُسَمًّى] قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا، فَلَهُ أَنْ يَبْتَاعَ تِلْكَ السِّلْعَةَ مِنْ الذِي بَاعَهَا مِنْهُ [بِثَمَنٍ مِثْلِ الَّذِي بَاعَهَا بِهِ مِنْهُ، وَبِأَكْثَرَ مِنْهُ، وَبِأَقَلَّ حَالاًّ، وَإِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى أَقْرَبَ مِنْ الَّذِي بَاعَهَا] مِنْهُ إلَيْهِ، أَوْ أَبْعَدَ وَمِثْلَهُ، كُلُّ ذَلِكَ حَلاَلٌ لاَ كَرَاهِيَةَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ، مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَنْ شَرْطٍ مَذْكُورٍ فِي نَفْسِ العَقْدِ. فَإِنْ كَانَ عَنْ شَرْطٍ فَهُوَ حَرَامٌ مَفْسُوخٌ أَبَدًا مَحْكُومٌ فِيهِ بِحُكْمِ الغَصْبِ - وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِهِمَا.
بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ - تَعَالَى -: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275].
وقَوْله تَعَالَى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: 119].
[فَهَذَانِ بَيْعَانِ] فَهُمَا حَلاَلاَنِ بِنَصِّ القُرْآنِ ...».
وقد ضعف ابن حزم خبر زيد بن أرقم المروي عن السيدة عائشة. ورد على من قال: إن المتعاقدين قد تحايلا بهذا العقد على الربا، فقال: «أَنَّهُمَا إنْ كَانَا أَرَادَا الرِّبَا [كَمَا ذَكَرْتُمْ] فَتَحَيَّلاَ بِهَذَا العَمَلِ، فَبَارَكَ اللَّهُ فِيهِمَا، فَقَدْ أَحْسَنَا مَا شَاءَا إذْ هَرَبَا مِنْ الرِّبَا الحَرَامِ إلَى البَيْعِ الحَلاَلِ، وَفَرَّا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - إلَى مَا أَحَلَّ» (?).
ونلاحظ هنا أن البخاري مع أخذه بالأحوط، فإن اتجاهه الظاهري قد غلب عليه، فلم يجعل للذرائع أثرًا في مقابلة عموم النص. ولذلك