يستدلون عليه بالنص، وفي ذلك يقول ابن حزم: «وَلَا يَحِلُّ بَيْعُ شَيْءٍ مِمَّنْ يُوقَنُ أَنَّهُ يَعْصِي اللَهَ بِهِ أَوْ فِيهِ، وَهُوَ مَفْسُوخٌ أَبَدًا، كَبَيْعِ كُلِّ شَيْءٍ يُنْبَذُ أَوْ يُعْصَرُ مِمَّنْ يُوقَنُ [بِهَا] أَنَّهُ يَعْمَلُهُ خَمْرًا، وَكَبَيْعِ الدَّرَاهِمِ الرَّدِيئَةِ مِمَّنْ يُوقَنُ أَنَّهُ يُدَلِّسُ بِهَا ... أَوْ كَبَيْعِ السِّلاَحِ [أَوْ الخَيْلِ] مِمَّنْ يُوقَنُ أَنَّهُ يَعْدُو بِهَا عَلَى المُسْلِمِينَ، أَوْ كَبَيْعِ الحَرِيرِ مِمَّنْ يُوقَنُ أَنَّهُ يَلْبَسُهُ، وَهَكَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ، لِقَوْلِ اللَّهِ - تَعَالَى -: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] ... فَإِنْ لَمْ يُوقَنْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَالبَيْعُ صَحِيحٌ» (?).
[ج] بيوع الآجال، أو التي تعرف أحيانًا ببيع العينة (?)، قد حرمها أحمد لأنها ذريعة إلى الربا. ومن صورها أن يبيع سلعة بثمن مؤجل، ثم يشتريها بأقل منه نقدًا، فإذا باعك إنسان سلعة بعشرين مثلاً إلى أجل ثم اشتراها منك بعشرة نقدًا، كان مآل البيع والشراء في هذه الصورة أنك افترضت من البائع عشرة، لتردها إليه عشرين بعد الأجل، وهو عين الربا.
وقد حرم هذا البيع أيضًا كل من أبي حنيفة ومالك، ولما روي أَنَّ أُمُّ وَلَدِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَقَالَتْ لَهَا: «إِنِّي بِعْتُ غُلاَمًا مِنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ نَسِيئَةً إِلَى العَطَاءِ , وَاشْتَرَيْتُهُ بِسِتِّمِائَةِ» , فَقَالَتْ عَائِشَةُ: