المقدم: إذاً: أهل الحق ينظرون إلى العقل باتزان، فلا إفراط ولا تفريط، فهل هناك أدلة في القرآن والسنة تبين مكانة العقل في الإسلام؟ الشيخ: نعم، هناك آيات كثيرة، فالله عز وجل يذكر نعمه، ويذكر آياته التي تدل على وجوده وعلى ضرورة عبادته، ثم يقول: ((أَفَلا تَعْقِلُونَ))، ولم يقل: ليس لكم عقول، بل قال: ((أَفَلا تَعْقِلُونَ))، يعني: تتفكرون، وبعض الآيات -أيضاً- نصت على التفكر، وليس بينهما تقارب في المعنى فحسب، بل هناك تطابق بين التفكر والتعقل.
ومن ذلك أن الله عز وجل لما ذكر بعض المنن والنعم، قال: ((لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ))، وقال عز وجل: {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [الروم:28].
المقدم: وكذلك عاب على الكفار عدم التعقل بقوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك:10].
الشيخ: نعم، إذاً: الإسلام يدعو إلى التعقل، ويدعو إلى التفكير في معرفة الحق، ومعرفة حقوق الله عز وجل خاصة، ومعرفة وجوه الخير والنفع للإنسان.
المقدم: هناك من يقول: إن الدين يحجر على العقل، هل التقيد بالنصوص الشرعية تحجير على العقل؟ الشيخ: الحقيقة أن الدين يكرم العقل غاية التكريم؛ يدل على ذلك ما يأتي: أولاً: أن الله أكرم به الإنسان.
ثانياً: أن الله عز وجل جعله مناط التكليف، فكلف الإنسان بأن يفكر، وأن ينظر، وأن يتدبر آيات الله، وأن يعمر الكون على سنن الله.
فالله عز وجل لم يأمر بتدبر آياته المقروءة -وهي القرآن ونصوص الوحي- فحسب، بل أمر بتدبر الآيات الكونية كذلك.
إذاً: الإسلام لا يحجر على العقل، بل يوظفه وظيفة تكده إلى قيام الساعة، ولكن على أسس تحميه من غوائل التيه، وتحميه من أسر الأوهام، وتحميه من أسر الخرافات، وتحميه أيضاً من أن يتجرأ على الله أو يتجرأ على الغيب الذي لا يعلمه إلا الله.
فهؤلاء يسمون هذه الشروط قيوداً، وليست قيوداً، بل هي في الحقيقة تعتبر مناط التكريم للعقل.