نظرة العقلانيين إلى ثوابت الدين

إذاً: واضح موقفهم من المرجعية الشرعية، ومحاولة إسقاطها، لكن يأتينا سؤال آخر: هل لهم موقف واضح من ثوابت الإسلام وأصول الاعتقاد؟ الشيخ: كل كلامنا حول هذا الموضوع، وقد يطول الكلام في هذا، لكن المستقرئ لتراث أو إنتاج هؤلاء العلمي يدرك ذلك، وقد تذهب الكلمات العابرة، والمشاركات العابرة في الفضائيات أو في غيرها قد تكون نتيجة ارتجالات، ولكن سنحاكمهم إلى الكتب والمقالات والبحوث.

فسنجد -إذا نظرنا إلى مجموع ما يكتبون وما يقولون وما يبحثون وما يطرحونه طرحاً جاداً- أنهم يرون أن جميع ثوابت الدين ليست ثوابت؛ بمعنى أنها قابلة للنظر.

المقدم: كأنها متغيرات عندهم.

الشيخ: قابلة للنقاش.

الشبهة الثانية -وهي الأخطر: أنهم يزعمون أو بعضهم أو كبارهم- أنه لا شيء هناك يتفق عليه، وأخص بذلك الحداثيين، فالحداثيون يزعمون أن كل شيء متغير، وأن الثوابت هذه ما هي إلا تقارير وأوهام وأساطير التاريخ.

وهذا ناتج عن زيغ إن كان متعمداً، أو عن جهل مطبق ولذلك قلت: هؤلاء أغلبهم من أصحاب الجهل المركب؛ لأن المرء منهم جاهل ولا يدري أنه جاهل بالدين.

إذاً: هم يقولون: مساحة الثوابت غير مستقرة، وهذا فهم خاطئ، فنحن نقصد بالثوابت الأمور المستقرة الثابتة بالكتاب والسنة والإجماع.

وإن اتسع وقت المستقبل -إن شاء الله- فسأسرد نماذج الثوابت التي لا خلاف عليها؛ لأجل أن يفهم أني لا أتكلم من فراغ.

المقدم: حتى لا يقال: يتكلم عن علم ولا يعرفه.

الشيخ: مثلاً: أركان الإيمان، فهم عندهم شك في بعض أركان الإيمان، فيخوضون في القدر وينكرونه.

وعندهم شك في مسألة النبوة والوحي، فالوحي يهدمونه هدماً، وأصلحهم -إن صح التعبير- ممن أعرف من الكبار يقول: الوحي عرفان يجده الشخص من نفسه، وقد لا يُفهَم هذا الكلام بدقة، لكن قصدي أنه يرى أن الوحي صادر عن بشر، وهذا من كبارهم ومن مراجعهم في العصر الحديث.

الأمر الآخر: أنهم يكثرون الشكوك حول الثوابت، فبعضهم قد لا يستطيع أن يهدم، ولكنَّه يشكك، ويدخل في محارات الأمور المعضلة حول الثوابت ليثير الشبهات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015