المقدم: ما هو موقف العقلانيين من العلماء الراسخين في العلم؟ وما هو موقفهم من المرجعية الشرعية لهؤلاء العلماء الذين يستدلون بالأدلة الشرعية ويأخذونها من منبعها الصحيح؟ الشيخ: هذا من أبرز وأوضح مواقفهم، وعامتهم ينتقصون العلماء انتقاصاً شديداً، ولأنهم أوتوا نوعاً من الفصاحة وحسن العرض، تجد عندهم شيئاً من المجاملة والمداراة للعلماء تخدع الآخرين، فكثير منهم لا يجرؤ على النقد الجارح للعلماء، لكنه يسقط العلماء بأساليب تعطي شيئاً من التفسير المرن من أجل أن يهربوا عندما يحاكموا.
المقدم: ما الغرض من إسقاط العلماء؟ الشيخ: إن هؤلاء يرون الدين محصوراً في جانب معين من الحياة، فهم يسمون العلماء رجال الدين، وهذه التسمية غربية.
المقدم: وهي تسمية خاطئة.
الشيخ: نعم.
وهي تنبع عن فهم الدين عند الغربيين، فالدين عند الغربيين دين محرف، وأيضاً جعلوه في زاوية معينة، فهذا المفهوم انتقل إلى العقلانيين، فتصوروا وتوهموا أن العلماء مهمتهم هي العبادات والمواريث والأحوال الشخصية، فإذاً: ينبغي ألا يتجاوزوا حدهم، هكذا تصوروا.
ويرون أن العالم إذا تدخل في الاقتصاد وفي السياسة وفي جوانب الاجتماع وغيرها فقد تخطى وتجاوز حده.
إذاً: هذا مفهوم أغلبهم، وهو مفهوم راسخ، ومن هنا ائت نظرتهم إلى العلماء، هذا شيء.
الشيء الآخر: أن الإنسان إذا أشرب بهوى وضاق من التدين نظر إلى العالم نظرة المستثقل، فهم بطبيعتهم غالباً غير متدينين، وغير ملتزمين بالدين، تؤذيهم الاستقامة، فمن هنا كان من الطبيعي أن ينظروا إلى العالم نظرة الرجل الثقيل عليهم؛ لأن العالم هو قدوة المتدينين، والمتدينون عندهم لهم تجاههم تصور عجيب، كأنهم لا يعيشون بينهم.