منهج العقلانيين في نقد الحق

ولعلي أقف على أبرز مظهر لهذا التوجه عند الاتجاهات العقلانية والليبراليين والعلمانيين ومن سلك سبيلهم، وهو نقدهم للحق الذي هو منهج الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح، ومنهج أهل السنة والجماعة ومنهج علمائنا في هذا العصر، ومنهج الدعاة الراشدين.

ففي نقدهم لهذا المنهج تجدهم يركزون على التقاط الاجتهادات الخاطئة، وعلى انتزاع المواقف التي لا تمثل الموقف الشرعي، بل إما أن تكون زلات علماء، وإما أن تكون اجتهادات خاطئة، وقد تكون أحياناً ممارسات ممن ينتسبون إلى الدين أو إلى أهل السنة والجماعة؛ ومما ينبغي أن يفهم أنه يجب ألا ندعي أننا في عصمة، فمنهجنا هو المعصوم؛ لأنه الحق، لا لأنه منهجنا، بل لأنه دين الله، فالمنهج معصوم، وأما نحن فلسنا معصومين، ولذلك إذا أخطأ عالم من علمائنا قديماً أو حديثاً، أو داعية من دعاتنا، أو أخطأ أحدنا فإنه يجب ألا ندافع عن خطئه؛ لأن أعداء الحق ينتقون مثل هذه التجاوزات أو التصرفات أو الأقوال أو المواقف، أو الفتاوى أو غيرها، فيحاسبوننا على أنها هي الأصل، وهم يعرفون أنها ليست هي الأصل، وأنا أعرف أن أكثرهم عنده خبرة في المنهج العلمي، أعني التجرد والموضوعية، لكن هذا مشربهم، فهو يتلقط الظواهر الخارجة عن المنهج فردية أو جماعية ويجعلها أصلاً، ويتناسى أن الأصل خلاف ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015