المقدم: نرى من هؤلاء العقلانيين التنكر للتراث الإسلامي، ومحاولة تجاهل هذا التراث.
الشيخ: هذه مسألة ستأتي، ولكنها مناسبة الآن، فأقول: كل إناء بما فيه ينضح، فأي شاب مسلم ينشأ في أول حياته العلمية على استقاء ثقافته من المشارب غير الصافية -خاصة في الدين- فإنه من الطبيعي أن يتشبع بهذه المشارب، فمن أين جاءت هذه التوجهات؟ أجاءت من فراغ؟ لا، لم تأت من فراغ، بل جاءت من المشارب غير الصافية، ولذلك أذكر بالنهج الشرعي الذي رسمه النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة، ورسمه للأمة، ثم منهج السلف، فعلى الشاب المبتدئ في طلب العلم -حتى لو لم يكن تخصصه شرعاً- ألا يتلقى الدين والثقافة والفكر من غير المصادر النقية ابتداءً قبل أن يتشبع من المصادر النقية، ثم بعد ذلك لا مانع من أن يوازن، ولكن بقدر أيضاً.
لقد غضب النبي صلى الله عليه وسلم على عمر رضي الله عنه -وهو الفقيه العالم- حينما رأى معه صحيفة من التوراة؛ ذلك لأن القرآن كان يتنزل، وكانت الأمة بحاجة إلى أن تستقي ثقافتها في الدين من المنابع الصافية.
المقدم: طيب.
أنكر على عمر.
الشيخ: أنكر على عمر ذلك الفقيه العالم الذي هو الفاروق رضي الله عنه، ولم ينكر فحسب، بل غضب عليه غضباً شديداً، لماذا؟ لأن التوراة حرفت ولم تعد نقية، فكيف بغيرها، كالكتب التي أصبحت الآن مشاعة بكل الوسائل لكل الناس مع الأسف؟!