نعود إلى المنهج العام الذي تجتمع فيه الاتجاهات العقلية، فأقول: بناء على هذا انحرفت مناهجهم في الاستدلال فقدموا العقل، ثم إنهم أيضاً لم يراعوا في نظرتهم للنصوص الشرعية إلى يومنا هذا منهج الاستدلال، فلو تأملنا بعض الكتابات في الفضائيات أو في غيرها من وسائل الإعلام التي لها أثر على الناس؛ لوجدنا أن أغلب هؤلاء الذين يتناولون القضايا الشرعية من أدلتها لا يعرفون منهج الاستدلال أصلاً، فيضربون الآيات بعضها ببعض، يأخذون بآية ولا يعرفون دلالتها وسبب نزولها، والقرائن والملابسات التي نزلت فيها، ولا يرجعون إلى فهم الصحابة لها، بل لا يردونها إلى الأدلة الأخرى التي قد تخصصها أو قد تعممها أو قد تنسخها إلخ.
فهم يضربون النصوص بعضها ببعض، والأصل في منهج الاستدلال أن يرد القرآن إلى القرآن، وهم لا يردون القرآن إلى القرآن، بل يفسرونه بانتقائية مبنية على الهوى، وكذلك السنة يفسرونها بانتقائية مبنية على الهوى.