ومنه [ما] رواه الأشعري: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: "ليس إم بر أم صيام إم سفر". يريد، عليه السلام: ليس من البر الصيام في السفر.
وروي أن بعض العرب سأله، صلى الله عليه، عن ذلك بهذه العبارة، فأجابه بمثلها ليفهمه؛ لأنها لغة لهم وهي لغة يمانية يقولون: إم عند خيار الناس، إم يطعم الطعام، إم يضرب الهام؛ فهم يخبرون بذلك في مبتدأ كلامهم زيادة فيه.
ولكن العرب لا تفتتح كلامها بشيء من حروف الهجاء. لا يقولون: ألف قام زيد، ولا ألف باء تاء ضربت زيداً. وإنما جاء ذلك في القرآن على ما قاله ابن عباس وغيره، والله أعلم.
وقد قالت الشعراء ما يشبه ذلك. قال الراجز:
ما للظليم عاك، كيف لا يا ... ينقدُّ عنه جلده إذايا
أهبى التراب فوقه إهبايا
يريد: يفعل شيئاً، فقال: يا، ثم ابتدأ كلامه.
وقد افتتحت الشعراء أشعارها بحروف: أب ت ث وبنوها عليها.
كقولهم:
ألف، أبدأ بذكري طفلة ... سلبت عقلي وسمعي والبصر
باء، بعينين كعيني جؤذر ... وبوجه مشرق مثل القمر