حتى إذا يئس الرماة وأرسلوا ... غضفاً دواجن قافلاً أعصامها
المعنى: أرسلوا، والواو صلة.
والواو تكون جامعة وغير جامعة؛ تقول: رأيت زيداً وعمرا؛ فإن عطفت عمراً على زيد قالوا: واو جامعة؛ لأنك رأيتهما معاً؛ وإن عطفت بالواو على رأيت لم تكن جامعة، لأنك تريد: رأيت زيداً، ورأيت عمراً؛ فالواو تراها غير جامعة.
وقال غيره: لا أعلم في القرآن شيئاً من الأمر ابتداؤه بالواو وغير معطوف على ما قبله إلا قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}، لأن لا مبتدأ بالواو. واتخذوا: ليس بعطف، وقرئ بفتح الخاء وكسرها، فالفتح على معنى الإخبار عن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، والكسر على معنى الأمر؛ ومِنْ: صلة في الكلام. والمعنى: اتخذوا مقام إبراهيم مصلى.
ومثله: {وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ} قد تقدم ذكره.
والواو: حرف مد ولين ونسق، وتنسق بها آخر كلامك على أوله، ويشركه في إعرابه اسماً على اسم، وفعلاً على فعل، وجملة على جملة. قال الله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} نسق بالواو على الواو. والواو للعطف يسقط في الكلام إذا طال استغنى؛ لأنه يُعْلَم أن معناه الواو. ومنه قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} ثم قال: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ} فسقطت الواو؛ لأن القصة الأولى قد استتمت، وانقضى معنى الفرض فيها، فعُلم