قال الغزاليُّ -رحمه اللهُ-: "وهذا لأنَّ الخيرَ يدعو للخيرِ والشرَّ يدعو للشرِ، والقليلُ من كلِّ واحدٍ منها يجرُّ إلى الكثيرِ".
فالذنوبُ كلُّها تورثُ قساوةَ القلبِ وتمنع من قيامِ الليلِ، وأخصُّها بالتأثيرِ تناولُ الحرامِ، وتؤثرُ اللقمةُ الحلالُ في تصفيةِ القلبِ وتحريكِه إلى الخيرِ ما لا يؤثر غيرُها، ويعرف ذلك أهلُ المراقبةِ للقلوبِ بالتجربةِ بعد شهادةِ الشرعِ له، ولذلك قال بعضُهم: كم من أكلةٍ منعَتْ من قيامِ الليلِ سنةً، وكما أنَّ الصلاةَ تنهى عن الفحشاءِ والمنكرِ؛ فكذلك الفحشاءُ تنهى عن الصلاةِ وسائرِ الخيراتِ. وقال بعضُ السجَّانين: كنتُ سجَّانًا نيِّفًا وثلاثين سنةً أسألُ كلَّ مأخوذٍ بليلٍ أنه هل صلى العشاءَ في جماعةٍ؟ فكانوا يقولون: لا.
وهذا تنبيهٌ على أنَّ بركةَ الجماعةِ تنهى عن تعاطي الفحشاءِ والمنكرِ" (?) .
فصلٌ
في الترهيبِ من تركِ قيامِ الليلِ
إنه لا يوفَّقُ عبدٌ إلى قيامِ الليلِ ثم يتركه إلا كان ذلك بسببِ ذنوبِه وبعدِه عن اللهِ؛ لذا فإذا بدَرَ ذلك منك يا عبدَ اللهِ وتركتَ القيامَ ليالي أو شهرًا فحاسبْ نفسك، وسلْ قلبَك: ماذا فعلت؟! وسل جوارحَك: ماذا اقترفت؟!.
واعلم أنَّ تركَ القيامِ لمن كان يقومُه منقصةٌ ومذمةٌ.
فعن ابنِ مسعودٍ -رضي اللهُ عنه- قال: ذُكرَ عندَ النبيِّ -صلى اللهُ عليه وسلم- رجلٌ نامَ حتى أصبحَ. قال: (ذاك رجلٌ بال الشيطانُ في أذنيه -أو قال: في أذنه-) متفق عليه.
واعلم أنَّ رسولَ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلم- قد مقت مَن ينامُ الليلَ حتى يصبحَ لا يقومُ يصلي.