فلمَّا قدمتَ في موعدِك وجدتَ أحدَهم ينتظرُك عندَ الطائرةِ بذَلَ كلَّ ما يستطيعُ حتى سُمحَ له بالدخولِ لذلك المكانِ، ووجدتَ آخرَ ينتظرك في صالةِ الانتظارِ قدم قبلَ موعدِك بساعةٍ.. وآخرُ وصل للتوِّ، ورابعٌ انتظرك في بيتِك، وخامسٌ جاءك بعدَ وصولِك، وسادسٌ جاءك بعدَ مضيِّ يومٍ من وصولِك.. وسابعٌ لقيتَه في السوقِ فسلَّم عليك وحيَّاك وادَّعى الشوقَ إليك والانتظارَ لقدومِك.
ألستَ تصنِّفُ محبةَ هؤلاءِ بحسب إقدامِهم عليكَ؟!
وهل تصدِّق ذاك الذي لقيتَه في السوقِ لو ادَّعى أنَّه يحبُّك أكثرَ ممن استقبلك عندَ الطائرة؟!
لا أظنُّك تصدق..
إذن فمن ينامُ ملءَ جَفنيه ثم يدَّعي أنَّه يحبُّ اللهَ أكثرَ ممن يهجرُ فراشَه وراحتَه إلى لقاءِ ربِّه ومناجاتِه. إنَّ من تكون هذه حاله لا يمكن أن يكونَ يحبُّ ربَّه أكثر، واللهُ سبحانَه أعلمُ بأهلِ محبَّتِه.
4 - محبةُ الرسولِ –صلى اللهُ عليه وسلم- الصادقةُ، والحرصُ على متابعتِه والاقتداءِ به ورجاءُ الله بذلك (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) [الأحزاب:21] وقال تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [آل عمران:31] .
5 - شدةُ الخوفِ من اللهِ سبحانَه وتعالى واستحضارُ غضبِه على من فرَّطَ في لقائهِ ومن تهاونَ في صلاةِ الفجرِ، وهذا الخوفُ يتأتَّى بالعلمِ بأحاديثِ الوعيدِ الذي يُكسبُ القلبَ خشيةَ اللهِ، وهذا سببٌ من الأسبابِ التي كانت تدفعُ السلفَ الصالحَ للقيامِ للهِ سبحانَه وتعالى.
إذا ما الليل أظلم كابدوه ... فيسفر عنهمُ وهمُ ركوعُ
أطار الخوفُ نومَهم فقاموا ... وأهل الأمن في الدنيا هجوع
لهم تحت الظلام وهم سجودٌ ... أنينٌ منه تنفرج الضلوع