أهو رزَقَك؟! أهو يشفيك؟! أهو يؤمِّنُك من فزعِك؟! أهو سببُ وجودِك وخالقُك؟! أهو أبدعَكَ وسوَّاك وعدلَك، وفي أحسنِ صورةٍ ركَّبك؟! أهو وعدَك أنَّ ما سألتَه أعطاك؟! .. لا واللهِ لا يفعلُ ذلك لك، وماله من ذلك من شيءٍ بل هو مخلوقٌ مثلُك، يحتاجُ إلى ما تحتاجُ إليه.
بل إن وعدَك الليلَ فكَّرتَ في لقائِه النهارَ، وإن وعدَك النهارَ فكَّرت في لقائِه الليلَ.. هذا إذا كان لك حبيبًا وقريبًا، ويزيدُ حرصُك وينقصُ بحسب محبتِكَ له وقربِه منك..
وعلى هذا فإنَّ من يحبُّ اللهَ ويحرصُ على لقائِه، وعلى مقدارِ ما يُكِنُّ العبدُ من محبةٍ لربِّه، وما يَقِر في قلبِه من حبِّ اللهِ؛ يكونُ حبُّه للقائِه وشوقُه لموعدِ نزوله.. وأنسُه بحديثه.
وكلُّ واحدٍ يختلفُ عن الآخرِ في حرصِه على لقاءِ الله فمنهم من يقومُ له ثُلُثَ الليلِ، ومنهم من يقومُ رُبُعَه، ومنهم من يقومُ ساعةً، ومنهم من يقومُ نصفَها وربعَها وعشرَها، وهؤلاء يختلفون في محبَّتِهم للهِ كلٌّ بحسبِ عملِه.
وكيف يُثبِتُ العبدُ محبتَه للهِ ويدَّعي ذلك وهو عن لقائِه غافلٌ ولمناجاتِه قالٍ، ولكلامِه هاجرٌ؟!
فالكلُّ عند الادِّعاءِ يدَّعي محبةَ اللهِ. ولكن عند الجزاءِ لا يقرُّ اللهُ لمدَّعي محبتِه، وإنما يقرُّ لأهلِ طاعتِه ورضاه، جعلنا اللهُ منهم.
وسأضربُ لك أخي مثالاً يقرِّبُ ما أقول ويثبته:
سافرت إلى بلدٍ غيرِ بلدك، ولك في بلدِك أهلٌ وأقاربٌ وأصدقاءُ وأخبرتَهم بيومِ عودتِك، وأنَّك تنتظر منهم لقياهم لك.