وإن العبدَ ليستعينُ باللهِ عدةَ مراتٍ في اليومِ والليلةِ حينما يقرأُ الفاتحةَ ويقول: إيَّاك نعبدُ وإيَّاك نستعينُ، فعليك أن تستحضرَ طلبَ الاستعانةِ حين تقرأُ هذه الآيةَ ولا سيَّما في أولِ القيامِ فإنَّه شاقٌّ إلا على من استعان باللهِ، وليتذكَّرْ قولَه تعالى وهو يجاهدُ نفسَه على القيامِ: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) [العنكبوت:69]
2- تصحيحُ العقيدةِ والنظرُ في سلامتِها، فعلى مريدِ القيامِ أن ينظرَ في مدى إيمانِه باللهِ سبحانه، وينظر في هذا الإيمانِ هل اكتملت جوانبُه وأركانُه حقًّا حقًّا، وصدقًا صدقًا، فلا يكون الأمرُ مجردَ كلامٍ وتلفُّظٍ باللسانِ، وإنما يَقِر في القلبِ، فيكون بالله مُعلقًا قلبه، يعيش دنياه لآخرتِه، يؤمنُ برسلِ اللهِ ويصدِّقُ ما جاؤوا به، فلا ينكرْ أحدًا منهم أو آيةً من آياتِهم ومعجزةً من معجزاتِهم، ويؤمنُ بمحمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، ويحبُّه ويحبُّ ما جاء به، يحبُّه اتباعًا لا هَوَسًا شعرًا ونثرًا وعِشقًا!! فإنَّ أصحابَ المحبةِ الصادقةِ هم أهلُ العملِ والمتابعةِ والاقتداءِ، وليسوا أهلَ البدعِ والمخالفةِ والأهواءِ.
وينظر في إيمانِه بالملائكةِ، هل يستحضرُ رقابتَهم له، ويتذكرُ أنَّ عليه مَلَكينِ مكلَّفَين به يكتبان حسناتِه وسيئاتِه، فلا ينطق بغيرِ رضا اللهِ وذكرِه، وإذا نطق بغيرِ ذلك تذكَّر واستغفر، ويؤمن بالملائكةِ جميعًا وخلقِهم وصفتِهم كما أخبر اللهُ عنهم، ولا يُنكرْ مما دلَّ عليه الشرعُ شيئًا؛ فمثلاً يؤمنُ بأنَّ الذي يتوفَّى الأنفسَ بإذنِ ربِّه الملكُ، ملَكُ الموتِ الموكَّلُ بها فإذا وضع جنبَه واستشعر أنَّ الملكَ يقبض روحَه وقد لا ترجع، واستحضر كم من عبدٍ نام فلم يستيقظ، وَجِل قلبُه وارتعدت أطرافُه، ووجد همًّاً يبعثُه على الاهتمامِ بطاعةِ ربِّه والمسارعةِ للعملِ له والقيامِ لملاقاتِه ومناجاتِه ورجاءِ ثوابِه.