وصدَقَ الصادقُ المصدوقُ، فترى أصحابَ القيامِ لا يبدو عليهم الكسلُ بل يبدون ذووا نشاطٍ وحيويةٍ، بينما ترى أصحابَ النومِ إلى الصباحِ وقد تورَّمت أعينُهم من النومِ لا يكادون يمدُّون أيديَهم أو يثنون أرجلَهم إلا شعروا بالكسلِ والتعبِ، وما ذاك النشاطُ لصاحبِ القيامِ إلا عونٌ من اللهِ تعالى لمناجاتِه وتقرُّبِه إليه حتى أصبحَ بصرَه وسمعَه ويدَه ورجلَه.. قوةٌ يمنحها اللهُ له لا يجدُها غيرُه. لذا فلا تعجب إذا قرأتَ عن الصحابةِ وتبعهِم من السلفِ الصالحِ الذين يبيتون لربِّهم سجدًا وقيامًا، وإذا أصحبوا كانوا فرسانًا يخوضون غمارَ المعاركِ ويركبون الصِّعابَ لا يغلبهم أحدٌ من أصحابِ النومِ الطويلِ والرقادِ المريحِ.
6- صلاحُ الأبناءِ من نتائجِ قيامِ الآباءِ في الليالي الباردةِ، فإذا قام العبدُ يصلِّي يسأل اللهَ أن يصلحَ له في ذرِّيتهِ ويحفظَهم حتى بعدَ مماتِه، قال تعالى: (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا) [الكهف:82]
نعم.. رحمهما اللهُ برحمةِ أبيهما الذي كان يسألُ اللهَ لهما –طوالَ حياتِه- الحفظَ والصلاحَ.
7- أصحابُ القيامِ والتهجدِ على الرُّغم من أنَّهم أقلُّ نومًا من غيرِهم؛ إلا أنَّهم يكتسبون نورًا في وجوهِهم سائرَ يومِهم وعندَ موتِهم. وقد حكى كثيرٌ من السَّلفِ أنَّهم يجدون النورَ في وجهِ صاحبِ القيامِ في حياتِه وعندَ مماتِه. قيل للحسنِ –رحمه اللهُ-: ما بالُ المتهجِّدين من أحسنِ النَّاسِ وجوهًا؟ قال: لأنَّهم خَلَوا بالرَّحمنِ فألبسَهم نورًا من نورِه.