3- في قيامِ الليلِ يحصل العبدُ على كلِّ خيرٍ لدنياه، فإنَّ في الليلِ ساعةً لا يوافقها عبدٌ يسأل الله تعالى خيرًا من أمرِ دنياه وآخرتِه إلا أعطاه إيَّاه، فعن جابرٍ –رضي اللهُ عنه- أنَّ رسولَ اللهِ –صلى اللهُ عليه وسلم- قال: (إنَّ من الليلِ ساعةً لا يوافقها عبدٌ مسلمٌ يسأل اللهَ خيرًا إلا أعطاه إيَّاه، وذلك كلَّ ليلةٍ) أخرجه مسلم. فانظروا يا عبادَ الله كم في قيامِ الليلِ من مصالحِ دنياكم،بل فيه مصالحُ دنياكم كلُّها، لأنَّك يا عبدَ اللهِ لا تعلمُ ما سينفعُك من دنياك مما سيضرُّك، فكم من تجارةٍ تساهمُ فيها وتتحسَّرُ عندما تخسرها، وكم من بيتٍ تبنِيه ويخربُ، وكم من تعبٍ في مذاكرةٍ لامتحانٍ ترسبُ فيه، أو يلغى، وكم من زوجةٍ تدفع مهرَها وتُمنِّي نفسَك بها، لا تُوفَّقُ فيها.. وهكذا حالُ دنياك. فلو سألتَ اللهَ في ساعةِ الاستجابةِ التوفيقَ في أمورِكَ كلِّها، وقمتَ بين يدَي ربِّك قبلَ أن تُقدمَ على عملِك سائلاً إيَّاه أن لا يضيعَ تعبَك، وأن يوفِّقَك لما يرضيك، لَمَا ندِمتَ أبدًا، حينئذٍ تطمئنُّ إلى أنَّ مالِكَ الدُّنيا المعطي الباسطَ وليُّك وكافيك وحسبُك، فكيف تحزنُ أو كيف تقلقُ وإيِّاه دعوتَ وعليه توكَّلتَ؟! فهو مُجري السَّحابِ ومذلِّلُ الصِّعابِ ومدبِّرُ الكونِ ومقسِّمُ الأرزاقِ. فيا عزبًا تريدُ الزواجَ،؛ قم فاسأل ربَّك زوجةً صالحةً تسعدك..ويا مريضًا؛ قم فاسأل ربََّك شفاءً من مرضِك.. ويا متاجرًا؛ قم فاسأل ربك أن يُربِحَك.. وهل يستغني أحدٌ عن اللهِ؟! ومن يستغني يستغنِ اللهُ عنه، واللهُ الغنيُّ ونحنُ الفقراءُ إليه. أيعلمُ عبدٌ أنَّ اللهَ هو الغنيُّ ويؤمنُ بذلك ثم يزهدُ فيما عندَه!! لا والله أبدًا.
أتهزأ بالدعاء وتزدريه ... وما تدري بما صنع الدعاء
سهام الليل لا تخطي ... ولكن لها أمد وللأمد انقضاء