ومما يؤيد ما سبق قول العقيلي رحمه الله:" لما ألّف البخاري كتابه في صحيح الحديث عرضه على علي بن المديني ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل وغيرهم فامتحنوه فكلمهم قال له كتابك صحيح إلا أربعة أحاديث ... " (?).

فتأمل قوله: (كتابه في صحيح الحديث)، فإنه يفهم أنّه أطلقه باعتبار المضمون ثم صار بعد اسمه (الجامع الصحيح ..)، والله أعلم.

وبالطبع هذا كله لا يتعلق بصحة الكتابين، فهما كما أجمعت الأمة معتبرة الاجماع (أهل السنة والجماعة) أنّهما أصحّ كتابين بعد كتاب الله تعالى، لا يخالف في ذلك إلا جاهل أو صاحب بدعة، نسأل الله السلامة في الدارين.

وعلى العموم فالمسألة تحتاج إلى مزيد دراسة وبحث، ولكنّ الظاهر من صنيع الأئمة ما ذكرناه آنفاً، والله أعلم.

ثانيا: اختلاف النساخ أو أصحاب الخزانات

ثانياً: اختلاف النساخ أو أصحاب الخزانات: وهذا يحدث كثيراً في الطبقات المتأخرة، ومنه كتابنا هذا، فاختلاف النساخ على شيخهم من أهم اسباب اختلاف اسمه، وربما يختصره بعضهم بكلمة أو أكثر، واحياناً بسبب اجتهادات أصحاب الخزانات في المكتبات والفهارس.

ومن ذلك: ما جاء في اسم كتاب التمييز للإمام مسلم بن الحجاج، فقد جاء في نسخة (الأول في التمييز) وطبعه الشيخ الحلاق بهذا الاسم، وهو من تصرف اصحاب الخزانات، وقد نبهنا إليه في مقدمة تحقيقنا له.

والأمثلة كثيرة جداً لمن يتتبع، ونوضحه ببعض الأمثلة:

منها: كتاب أبي جعفر العقيلي (ت322هـ):إذ طبع الكتاب باسم مرة (الضعفاء الكبير) بتحقيق: د. عبد المعطي قلعجي.

ومرة باسم (الضعفاء) بتحقيق شيخنا حمدي السلفي رحمه الله.

ومرة باسم (كتاب الضعفاء ومن نسب إلى الكذب ووضع الحديث، ومن غلب على حديثه الوهم، ومن يتهم في بعض حديثه، ومجهول روى ما لايتابع عليه، وصاحب بدعة يغلو فيها ويدعوا اليها، وإنْ كانت حاله في الحديث مستقيمة) بتحقيق الدكتور مازن السرساوي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015