فِى الدُّنْيَا عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنِ ادَّعَى دَعْوَى كَاذِبَةً لِيَتَكَثَّرَ بِهَا لَمْ يَزِدْهُ اللهُ إلا قِلَّةً، وَمَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِين صَبْرٍ فَاجرَةٍ ".
177 - (...) حدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، كُلُّهُمْ عَنْ عَبْد الصَّمَدِ بْن عَبْدِ الْوَارِثِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِى قِلابَةَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكَ الأنْصَارِىِّ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، عْنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِىِّ، عَنْ خَالِد الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِى قِلابَةَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ سِوَى الإِسْلامِ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَىْءٍ عَذَّبَهُ اللهُ بِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ ". هذَا حَدِيثُ سُفْيَانَ. وَأمَا شُعْبَةُ فَحَدِيثُهُ أَنَّ رَسُولَ اللهَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ حَلَفَ بِملِّةٍ سِوَى الإسْلامِ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ وَمَنْ ذَبَحَ نْفسَهُ بِشَىْءٍ ذُبِحَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الظاهر من الحديث تشبيهه (?) فى الإثم، وهو تشبيه واقع؛ لأن اللعنة قطع عن الرحمة والموت قطع عن التصرف.
قال القاضى: وقيل: لعنته له تقتضى [قصده إخراجه عن] (?) جماعة من المسلمين ومنعهم منافعِه، وتكثير عددهم به كما لو قتله، وقيل: لعنُهُ يقتضى قطْعَ منافِعه الأخروية عنه وبعده منها بإجابته لعنته فى الدنيا، فهو كمن قُتِلَ فى الدنيا وقُطعت عنه مَنافِعه فيها، وقيل: معناه: استواؤهما فى التحريم.
وقوله: " من ادَّعى دعوى كاذبةٍ ليتكثر بها لم يزده الله بها إلا قلة "، قال القاضى: هذا عام فى كل دعوى يتشبَّعُ بها المرءُ بما لم يُعط من مال يحتالُ فى التجمل به من غيره، أو نسب ينتمى إليه ليس من جِذْمه (?)، أو علم يتحلَّى به ليس من حَمَلتهِ، أو دين يرائى به ليس من أهله، فقد أعلم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنهُ غير مبارك له فى دعواه ولا زاك ما اكتسبه بها، ومثله الحديث الآخر: " اليمين الفاجرة مُنفقِةٌ للسِّلعة، مُمْحِقَةٌ للكسب " (?).