178 - (111) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِع وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، قَالَ ابْنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيّبِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُنَيْنًا، فَقَالَ لِرَجُلٍ مِمَّنْ يُدْعَى بِالإسْلامِ: " هذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ "، فَلَمَّا حَضَرْنَا الْقِتَالَ قَاتَلَ الرَّجُلُ قِتَالاً شَدِيدًا فَأصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ. فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، الرَّجُلُ الَّذِى قُلْتَ لَهُ آنِفًا: " إنَّهُ مِنْ أهْلِ النَّارِ " فَإِنَّهُ قَاتَلَ الْيَوْمَ قِتَالاً
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: " من حلف على يمين صبرٍ فاجرة "، قال الإمام: أصلُ الصبر: الحبسُ والإمساك، يقال: صبَر فلانٌ فلانًا إذا حبسه، وكل من حبسته لقتلٍ أو يمين فهو قتلُ صَبْرٍ ويمينُ صَبْر، وأصبَره الحاكم على اليمين (?) أكرهه على يمين صبر. قاله (?) الهروى وغيرهُ. وقال [أبو] (?) العباس (?): الصبر ثلاثة أشياء: الإكراه، ومنه: أصبره الحاكم. والحبْسُ، ومنه: صبرته إذا حبسته. والجرأة، ومنه قوله تعالى: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} (?).
قال القاضى: يمينُ الصبر هى التى يَصْبرُ صاحبُها، أى يحبس ويُكره حتى يحلفها، وقد يكون من معنى الجرأة والإقدام عليها كما قال ثعلب. ومعنى فاجرة: أى كاذبة.
ولم يأت فى الحديث هنا الخبر عن هذا الحالف، إلا أن تعطفه على قوله قبلُ: " ومن ادعى دعوى كاذبة ليتكثَّر بها لم يزده الله بها إلا قلةً " أى: وكذلك الحالف اليمين الفاجرة مثل هذا. وقد ورد معنى هذا الحديث مُبَيَّنًا تامًا فى حديث آخر: " من حلف على يمين صبر ليقتطع بها مالَ امرئ مسلم هو فيها فاجر، لقى الله وهو عليه غضبان " (?).