33 - (...) وحدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِم عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: أُتِىَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ قَتَلَ رَجُلاً. فَأَقَادَ وَلِىُّ الْمَقْتُولِ مِنْهُ. فَانْطَلَقَ بِهِ وَفِى عُنُقِهِ نِسْعَةٌ يَجُرُّهَا. فَلَمَّا أَدْبَرَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِى النَّارِ " فَأَتَى رَجُلٌ الرَّجُلَ فَقَالَ لَهُ مَقَالَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَلَّى عَنْهُ.

قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِحَبِيبِ بْنِ أَبِى ثَابِتٍ، فَقَالَ: حَدَّثَنِى ابْنُ أَشْوَعَ؛ أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا سَأَلَهُ أَنْ يَعْفُو عَنْهُ فَأَبَى.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

له فى العفو على ما جاء فى الحديث. وأما فى غير مسلم، فإن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رغب له فى العفو فى أخذ الدية أربع مرات (?) كلها يأباه، ويحتمل قوله - عليه السلام -: " القاتل والمقتول فى النار " أمر آخر، علمهم - عليه السلام - من حال الولى لا من أجل قصاصه هذا، أو يكون استحق هذا القاتل لعصيانه النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما أمره به من العفو مرة بعد أخرى، وقيل: إن قول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " القاتل والمقتول فى النار " ليس مراده فى هذين، وكيف يصح وهو أقاد منه وأباح له قتله؟ لكن أورده - عليه السلام - فى البغاة، ومقاتلى العصبة كقوله: " إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول فى النار " (?)، فلما سمع الولى هذا لم يفهم معناه وتورع لعمومه. وهذا التأويل بعيد من ألفاظ الحديث وإقرار النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له على تركه وهو موضع البيان.

وقد يكون معنى قوله: " تبوء بإثمك وإثم صاحبك ": أى عفوك عنه يكفر الذنب الذى استوجب به هذا الولى النار، إن كان عنده أنه من أهلها لمعنى آخر كما تقدم، أو يبقى عليه ما كسب من ذنوب لمشيئة ربه. وفيه دليل أن قتل القصاص لا يكفر ذنب القاتل بالكلية وإن كفر ما بينه وبين الله تعالى، كما جاء فى الحديث الآخر: " فهو كفارة له، وبقى حق المقتول "، وسيأتى من هذا فى كتاب القصاص.

وقد اختلف العلماء - رحمهم الله - فى أخذ الدية من قاتل العمد، فذهب جماعة إلى إجبار القاتل عليها إرث للولى، وهو مذهب الليث والأوزاعى، وإحدى الروايتين عن مالك، وبه قال الشافعى وأحمد وإسحاق وأبو ثور، وروى عن ابن المسيب وعطاء والحسن. وقيل: ألا يكون ذلك إلا برضاهما معاً، وهى الرواية الأخرى عن مالك، وبه قال الكوفيون (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015