(11) باب دية الجنين، ووجوب الدية فى قتل الخطأ وشبه العمد على عاقلة الجانى

34 - (1681) حدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ امْرَأَتَيْنِ مِنْ هذَيْلٍ، رَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى، فَطَرَحَتَ جَنِينَهَا، فَقَضَى فِيهِ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغُرَّةٍ: عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله: " إن امرأتين من هُذيل رمت إحداهما الأخرى فطرحت جنينها، فَقَضى فيه النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغُرَّةٍ: عبدٍ أو أَمَةٍ ": الرواية فيه: " بغرةٍ " بالتنوين، وما بعده بدل منه. وبعضهم يرويه بالإضافة وله أولاً وجه واضح.

قال الإمام - رحمه الله -: تقدم الكلام على وجه المستوفى دية الأجنة، الذكر والأنثى، وأن ذلك قطع للخصام لأنه مما يخفى فيكثر فيه الشارع. وقد قال بعض الناس: إن العبد الذى يقضى به لذكره الغرة، وديته عندنا عشر دية أمه، وقيمة الغرة عندنا مقدرة بعشر دية الأم، وتورث على فرائض الله - سبحانه - وقد قيل: إن ذلك كعضو من أعضائها فإذا قضى بالدية أخذتها الأم وحدها، كما تأخذ دية سائر أعضائها، وقيل: ليس ذلك كعضو من أعضائها فلا تنفرد بديته بل يشاركها الأب.

قال القاضى - رحمه الله -: فسر الغرة هنا فى الحديث أنها عبد أو أمة، وعلى التفسير حمله مالك وغيره لا على الشك. وقيل: الغرة تطلق على الإنسان كان ذكراً أو أنثى. قال ابن فارس: غرة كل شىء أكرمه وأنفسه. وقال أبو عمر: معناها: الأبيض، ولذلك سميت غرة فلا يوجد فيها أسود. قال: ولولا أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أراد بالغرة معنى لا يدل على شخص لعبد ولا أمة لما ذكرها، وقيل: أراد بالغرة الخيار، والوسط من الأعلى يجزئ، وليس الوسط من جملة العبيد. ومقتضى مذهبنا أنه يخير بين إعطاء غرة أو عُشْر دية الأم من كسبهم إذا كانوا أهل ذمة فخمسون ديناراً، أو أول وَرِق فستمائة درهم وخمس فرائض من الإبل (*)، وقيل: لا يعطى من الإبل. وعلى هذا فى قيمة الغرة جمهور العلماء، وخالف الثورى وأبو حنيفة فقالا: قيمة الغرة خمسمائة درهم؛ لأن ديتها عندهم من الدراهم خمسمائة درهم. وحجة الجماعة قضاء الصحابة فى ذلك مما قالوه، ويشذ بعض السلف منهم طاوس وعطاء ومجاهد فقالوا: غرة عبد ووليدة أو فرس. وقال بعضهم: أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015