كتاب الإكمال وقيمته العلمية
أهمية كتاب " الإكمال ":

إن أهمية هذا الكتاب - كما قصد صاحبه له - ترجع أولاً إلى كونه استكمالاً لما بدأه الإمام المازرى فى كتابه " المعلم "؛ حيث إن كتاب المعلم على نفاسته، وجودة موضوعه، لم يكن تأليفاً استجمع له مؤلفه؛ وإنما هو تعليق ما تضبطته الطلبة من مجالسه (?). وأنه أول كتاب يتناول شرح الصحيح لمسلم بالتحرير والتقييم، والشرح والتهذيب (?).

وقد أوفى القاضى- رحمه الله- على هذه الغاية، وأربى بكثير كثير، مما يجعل من الكتاب مرجعاً فى خدمة صحيح مسلم، لم ينافس من المتقدمين، ولن يستطيع أحد بلوغ شأوه أو الاقتراب منها فى المتأخرين؛ وذلك لما تضمنه من الفوائد البالغة بعد هذه الفائدة، التى لو لم يأت بغيرها لكفته فى تقدمة أمره على كثير من المراجع الحديثية التى اشتهر ذكرها وذاع صيتها.

وتتمثل تلك الفوائد التى وقفنا عليها فيما يلى:

أولاً: أمور كشف عنها وأزال الإبهام فيها:

أ- أن " الإكمال " كشف عما جاء فى بعض النسخ لصحيح مسلم من تبويب وتراجم، غابت عن كثير من الشراح الذين تناولوا النسخ غير المبوبة، حتى ذاع - خطأ - بين طلبة العلم بعامة، والمتخصصين فى الحديث وعلومه بخاصة، أن مسلماً لم يبوب كتابه، وأن البخارى فضل عليه فى ذلك (?). وذلك فى مثل ما جاء فى كتاب الطهارة، باب التطييب بعد الغسل من الجنابة.

قال عقبه القاضى: " وبذلك بطل من ادعى أن مسلماً لم يبوب كتابه " (?).

ب- أنه جاء فى المقدمة بمسائل لعلوم الحديث تعتبر إضافة وتكميلاً لكتابه " الإلماع "، إلى ذلك أشار بقوله فيها: " والكلام فى هذا الباب - يعنى صيغ التحمل - كثير، يحتاج إلى بسط، وقد ذكرنا منه ما يحتاج إليه من له تهمم بهذا الباب وعلمه، وبسطنا فى هذه الفصول فى كتاب " الإلماع لمعرفة أصول الرواية والسماع "، وأشرنا منه إلى نكت غريبة، لعلك لا تجدها مجموعة فى غير هذين الكتابين " (?).

جـ- أنه نقل عن مصادر هامة لم يبق الزمان لنا منها غير ما احتفظ لنا به القاضى فى كتابه مثل: " الموعب فى شرح الموطأ " ليونس به مغيث، ومالك فى غير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015