وبسقوط سرقسطة بدأت مرحلة جديدة من المؤامرة الخبيثة، مرحلة تعاون أبناء هود - ملوك سرقسطة - مع الموحدين من جهة، ومع النصارى من جهة أخرى.

فقد عوض الفونسو ريموندس سيف الدولة أحمد بن عبد الملك بن هود أميرها عن أملاكه بها بأراض فى ولاية طليطلة، ثم سيره إلى قرطبة على رأس قوة من جند النصارى الذين أمدهم بها ملك قشتالة، ونودى به ملكاً على قرطبة، ولم يلبث حكمه بها أكثر من ثمانية أيام، فقد قام عليه أهل قرطبة لما انكشف لهم أثر عمالته، واضطروه إلى حصن بعض أوليائه فرنجو لسن (?).

وظل هذا حال أبناء هود حتى عاون ابن حمدين الموحدين فى الاستيلاء على إشبيلية سنة (541 هـ/ أوائل سنة 1147 م) إذ كان حزبه هو الغالب فيها.

فى هذه الأثناء سقطت مراكش، وانتهت دولة المرابطين فى إفريقية، استولى عليها عبد المؤمن، بعد حصار طويل أكلت فيها الأطعمة الفاسدة والرديئة، والجثث البشرية، وأكل السجناء فى السجن بعضهم بعضاً، وانتشرت الأمراض حتى فنى من أبنائها فى وقت قصير زهاء مائتى ألف نفس، وكان أزهق مثلها من سكان تلمسان (?).

وكان ابن تومرت قد لقى عبد المؤمن حين نزل ملالة بعد أن طرد من مراكش عام (514 هـ) فاستبشر به لما رأى فيه من نجابة ناسبته، وصحبه على هذه الغواية، وجعله صاحب الأمر من بعده، وإليه يرجع وزر التمكين لدولة الموحدين.

وما كان لمراكش أن تنالها أيدى الموحدين ويدخلوها قاهرين، لولا خيانة فرسان النصارى الأندلسيين، الذين كانوا فى جيش إبراهيم بن تاشفين، حيث كانوا من خاصته، فهم الذين عمدوا إلى جنود الموحدين ففتحوا لهم أبواب مراكش. وبسقوط مراكش تعطل الجهاد وبدأ المد الإسلامى فى الغرب فى الانحسار.

على ضوء هذه الوقائع ينبغى أن ننظر إلى ما صدر عن ابن تومرت من فعال، وما تمتع به من خلال، فبغير هذا يضطرب الباحث، وقد يخرج بنتائج غير مستقيمة مع الوقائع (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015