قائده مزدلى بتكرار هذه الغزوات لسفره إلى مراكش، وفى نفس الوقت الذى كان على يهدد فيه طليطلة سار جيش آخر من المرابطين بقيادة الأمير سيرين أبى بكر إلى البرتغال لمقاتلة أميرها الكونت هنرى، وافتتح شنترة وبطليموس وبايرة، وشنترين، وأشبونة، وهدد قلمرية عاصمة الولاية، وسار جيش ثالث بقيادة والى مرسية، فاخترق سرقسطة وحاصر برشلونة مدى عشرين يوماً، ثم غادرها سنة (504 هـ/ 1111 م) وفى سنة (506/ 1113 م) سار مزدلى إلى طليطلة وحاصرها ثمانية أيام، واستولى على قورية (1).

وفى عام (509 هـ/ 1114 م) غزا مزدلى قشتالة مرة أخرى، واستشهد فيها، وخلفه فى الولاية والقيادة ولده محمد، وفى هذا الوقت - أوائل سنة (1115 م) - فقد المرابطون الجزائر الشرقية (البليار) ثم استردوها، وكان القطلونيون قد استولوا على جزيرة ميورقة، وقتلوا أهلها المسلمين، فسير المرابطون أسطولاً إلى ميورقة، واستردوها وانتقموا للمسلمين، ثم سيروا بعض سفنهم إلى شواطئ اشتوريش وجليفية بشمالى غربى أسبانيا (2).

وكان من أثر انتساف الحقول على إسبانيا الوسطى ونقص المحصول المرتب على سوء الأحوال الجوية، أن عصف بشبه الجزيرة الإسبانية سنة (511 هـ/ 1117 م) قحط شديد، ذهب فى سبيله من الأرواح ما لم يذهب من قبل بالحرب والسيف (3).

فى أثناء ذلك سار على بن يوسف فى المحرم سنة (511 هـ) فغزا قَلمريَّة بالبرتغال، وأثخن فى تلك الأنحاء تخريباً وقتلاً وسبياً، ولم تستطع قوات الملكة بيتريسا ملكة البرتغال أن تقوم بأية أعمال دفاعية ذات شأن، وفرَّ أمامه النصارى فى كل مكان، واعتصموا بالمعاقل المنيعة، وإنه على العموم -كما يقول يوسف أشياخ- دوَّخ بلاد الشرك بجيوش لا تحصى (?).

بيد أنه فى رمضان سنة (512 هـ/ ديسمبر 1118 م) سقطت سرقسطة - ثانى معقل للمسلمين فى إسبانيا، بعد أن لبثت فى قبضتهم أربعمائة عام، واتخذ ملك أراجون منها عاصمة لملكه، وحول مسجدها الجامع إلى كنيسة، وجعل منها مركز الأسقفيَّة، وكافأ الفرسان الفرنسيين الذين عاونوه بإقطاعهم أحياء منها، لا سيما الكونت جاستون (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015