لتملك مصر والشام.

وقد تم له ذلك بعد واقعة الزلاقة عام (479 هـ/ 1086 م)، تلك الواقعة التى أدال الله فيها للمسلمين بالأندلس، وصارت بها الأندلس ولاية غربية تخضع لحكومة مراكش بعد أن كانت دويلات متخاذلة متنابذة يسودها الانحلال، ويقضم أسسها الترف والخور " (?).

ويقول محمد عنان: " كان المرابطون يضطرمون بروح جهاد قوية خالصة، وقد استطاعوا فى ظل هذا الروح الدافع أن يصدوا عن الأندلس عدوان إسبانيا النصرانية، وأن يحرزوا بعد الزلاقة النصر فى عدة مواقع مماثلة حاسمة فى صدع قوى إسبانيا النصرانية (?)، وقد أحرز المرابطون خلاله ضد النصارى عدة من الانتصارات الباهرة، ولا سيما فى إقليس سنة (501 هـ/ 1108 م) وفى إفراغة (528 - 1134)، وقد استطاع المرابطون على وجه العموم -حتى أواخر عهدهم- أن يحافظوا على رقعة الوطن الأندلسى، ولم يصدع من كفاحهم ضد النصارى سوى قيام الثورة عليهم فى مختلف القواعد عند ظهور الموحدين وعبورهم إلى الأندلس (?).

بدأت ثورات الموحدين حين جاز على بن يوسف بن تاشفين الجواز الثانى والثالث بنفسه إلى إسبانيا سنة (515 هـ/ 1121 م)، وغزا أرض طليطلة والبرتغال، وأثخن فيها، واستولى على قلعة قلمرية الهامة، وأتى على جميع سكانها النصارى قتلاً وأسراً، ثم عاد إلى قرطبة، ومنها إلى إفريقية بعد أن عهد إلى أخيه تميم بالنظر فى شؤون الأندلس، ثم ثارت فى قرطبة ثورة شديدة، اضطرته أن يعبر من إفريقية بجيش ضخم، فاضطرمت ثورة الموحدين بعبوره هذا اضطراماً استغرق كل اهتمامه وقواه، ولم تتح له أن يولى شؤون الأندلس كثيراً من عنايته (?).

وكان هذا شأن المرابطين وسنتهم فى أراضى النصارى كل عام تقريباً، ويعودون بكثير من الأسرى والغنائم العظيمة، ففى رجب سنة (503 هـ) سار على بن يوسف فى نخبة جنده المرابطين إلى ولاية طليطلة، واستولى على عدد كبير من القلاع والحصون الصغيرة، وانتسف الحقول، واسترق السكان، وبث الروع والذعر حتى أبواب عاصمة إسبانيا النصرانية، ثم عاد إلى قرطبة مكللاً بغار الفخر، ثم عهد إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015