غرناطة (?) هَبَّ ابن تومرت بمراكش يدعو إلى دولة الموحدين، تعريضاً بالمرابطين الذين وصفهم بالمجسمين - ويعنى بالموحدين أصحابه، ثم أصحاب عبد المؤمن بعده (?).
وقامت دعوته على أساس أن الإمامة ركنٌ من أركان الدين، وعمدةٌ من عمد الشريعة (?)، وأن الإمام لا يكون إلا معصوماً من الباطل، ومعصوماً من الضلال، ومعصوماً من الفتن، ومعصوماً من العمل بالجهل (¬4).
وعرَّف الإمامة بأنها الاتباع والاقتداء، والسمع والطاعة والتسليم، وامتثال الأمر، واجتناب النهى، والأخذ بسنة الإمام فى القليل والكثير (?).
فهى دعوة واضحة الملامح فى أصولها وأسلوبها، دعوة شيعية لا خفاء فى هذا، الغرض منها ضرب الجهاد الإسلامى فى الغرب العربى حين عزَّ عليها الإجهاز عليه فى دار الخلافة بالمشرق ببزوغ دولة صلاح الدين الفتية فيه، وتحطيمه لآمالها به. فكان أن تعاون الخبث الشيعى مع الكيد الكنسى ضد دولةٍ أذاق الله بجهادها الصليبيين فى الغرب والأندلس عذاب الهوان والخوف، وكان إمامها على ما يحرزه من نصر وتمكين لا يزداد على هذا إلا طاعة للخليفة فى دار الإسلام ببغداد.
يقول ابن الأثير - وهو من أقدم مصادرنا فى ذلك -: " إن يوسف بعد أن تم له افتتاح ممالك الطوائف والاستيلاء على الأندلس وعاد إلى حضرة ملكه مراكش، جمع الفقهاء، وأحسن إليهم، فذكروا له أنه ينبغى أن تكون ولايته صادرة من الخليفة لتجب طاعته على الكافة، وأنه يجب أن يأتيه منه تقليد بحكمه للبلاد، فأرسل يوسف على أثر ذلك إلى الخليفة المقتدى بأمر الله، فوافقته الخلع والأعلام، والتقليد، ولقب بأمير المسلمين وناصر الدين (?).
وذلك على رغم وفرة قوته وامتداد دولته، فقد امتدت مساحتها حتى شملت من تونس شرقاً إلى المحيط الأطلنطى غرباً، ومن ضفاف نهرى الأميزو والتاجة فى شبه الجزيرة الإسبانية شمالاً إلى قلب الصحراء الإفريقية الكبرى ونهر النيجر جنوباً (?).
وفى قوته يقول الذهبى: " تملك مدائن كباراً (?) بالأندلس، وبالغدوة، ولو سار