فَيُسْنِدُونَ الخَبَرَ عَلى هَيْئَةِ مَا سَمِعُوا، فَيُخْبِرُونَ بِالنُّزُولِ فِيهِ إِنْ نَزَلوا، وَبِالصُّعُودِ إِنْ صَعِدُوا، كَمَا شَرَحْنَا ذَلِكَ عَنْهُمْ.

وَماَ عَلِمْنَا أَحَدًا مِنْ أَئِمَّةِ السَّلفِ، مِمَّنْ يَسْتَعْمِلُ الأَخْبَارَ وَيَتَفَقَّدُ صِحَّةَ الأَسَانِيدِ وَسَقَمَهَا، مِثْلَ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِىِّ وَابْنَ عَوْنٍ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَشُعْبَةَ بْنِ الحَجَّاجِ وَيَحْيَى

ـــــــــــــــــــــــــــــ

الأهلية ": اختلفت الأحاديث فى لحوم الخيل، ففى حديث جابر هذا ما رأيْتُ، وفى حديث خالد بن الوليد " النهى عن لحوم الخيل والبغال والحمير "، وكره أكل لحوم الخيل مالك وأهل الرأى (?)، وروى عن ابن عباس، وقال الحكم: هى حرام، ورخَّصت فى ذلك طائفة من التابعين، وذهب إليه الشافعى (?)، وحجة المانعين لأكل جميعها نص الله تعالى على منافعها ولم [يذكر] (?) فيها الأكل كما ذكر فى الأنعام (?). وأما لحوم الحمر فمكروهة عند بعضهم مُحرَّمَة عن الأكثر إلا شيئاً روى عن ابن عباس، وفى المذهب عندنا فيها الوجهان، وسيأتى الكلام عليها متسعاً (?) فى الأطعمة.

قال مسلم عن الرواة: " فيخيرون (?) بالنزول إذا نزلوا، وبالصعود إذا صعدوا "، يُريد بذلك فى الروايات والنزول فيها هى الرواية عن الأقران وطبقة المحدث ومن دونه، أو بسند يوجد أعلى منه وأقل رجالاً، والصعود الرواية بالسند العالى، والقرب فيه من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقلة عدد رجاله أو من إمام مشهور حدَّث به. هذا هو طريق أهل الصنعة ومذهبهم، وهو غاية جهدهم وحرصهم، وبمقدار علو حديث الواحد منهم تكثُرُ الرحلةُ إليه، والأخذ عنه، مع أنَّ له فى طريق التحقيق والنظر وجهاً، وهو أن أخبار الآحاد وروايات الأفراد لا توجب- كما قدَّمنا- علماً، ولا يُقطع على مُغَيَّبِ صدقها، لجواز الغفلات، والأوهام، والكذب على آحاد الرواة، لكن لمعرفتهم بالصدق ظاهراً وشهرتهم بالعدالة والستر، غلب على الظن صحةُ حديثهم وصدق خبرهم، فكلفنا العمل به،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015