فَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ فِى هَذَا الخَبَرِ فِى القُبْلةِ: أَخْبَرَنِى أَبُو سَلمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيزِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُرْوَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَنْهُ أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَبِّلهَا وَهُوَ صَائِمٌ.
وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ؛ قَالَ: أَطْعَمَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحُومَ الخَيْلِ، وَنَهَانَا عَنْ لحُومِ الحُمُرِ.
فَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَهَذَا النَّحْوُ فِى الرِّوَايَاتِ كَثِيرٌ، يَكْثُرُ تَعْدَادُهُ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْهَا كِفَايَةٌ لِذَوِى الفَهْمِ.
فَإِذَا كَانَتِ العِلةُ عِنْدَ مَنْ وَصَفْنَا قَوْلهُ مِنْ قَبْلُ، فِى فَسَادِ الحَدِيثِ وَتَوْهِينِهِ، إِذَا لمْ يُعْلمْ أَنَّ الرَّاوِىَ قَدْ سَمِعَ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ شَيْئًا، إِمْكَانَ الإِرْسَالَ فِيهِ، لزِمَهُ تَرْكُ الاحْتِجَاجِ فِى قِيَادِ قَوْلِهِ بِرِوَايَةِ مَنْ يُعْلمُ أَنَّهُ قَدْ سَمِعَ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ. إِلا فِى نَفْسِ الخَبَرِ الذِى فِيهِ ذِكْرُ السَّمَاعِ. لِمَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ عَنِ الأَئِمَّةِ الَّذِينَ نَقَلوا الأَخْبَارَ، أَنَّهُمْ كَانَتْ لهُمْ تَارَاتٌ يُرْسِلونَ فِيهَا الحَدِيثَ إِرْسَالاً. وَلا يَذْكُرُونَ مَنْ سَمِعُوهُ مِنْهُ. وَتَارَاتٌ يَنْشَطُونَ فِيهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عن عبد الغافر الفارسى، وكذا روايتنا (?) عن أبى محمد الخُشنى، عن أبيه، عن أبى حفص الهوزنى، عن أبى عبد الله الباجى، عن ابن ماهان.
وقوله فى الحديث: " كان النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقبّل وهو صائم ": اختلف العلماء فى إباحة القبلة للصائم، فأباحها قوم على الإطلاق، وكرهها آخرون وهو قول مالك، ورخَّصت فيها طائفة للشيخ دون الشاب، وحكاه الخطابى عن مالك، وهو قول أبى حنيفة والشافعى، وروى ابن وهب عن مالك إباحتها فى النافلة (?) وكراهيتها فى الفريضة ونحوه لابن حبيب عنه.
وقوله فى الرواية [الأخرى] (?): " يُقَبِّلها " فيه جواز الإخبار عما يكون من مثل هذا بين (?) الرجل وعياله على الجملة دون التفسير، فإن ذلك منهى عنه، ولفائدة تحمل على ذكره، وسيأتى الكلام على المسألتين فى الطهارة والصيام.
وذكر فى حديث جابر: " أطعمنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحوم الخيل ونهانا عن لحوم الحُمُرِ