ابْنِ سَعِيدٍ القَطَّانِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِىٍّ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَهْلِ الحَدِيثِ، فَتَّشُوا عَنْ مَوْضِعِ السَّمَاعِ فِى الأَسَانِيدِ. كَمَا ادَّعَاهُ الذِى وَصَفْنَا قَوْلهُ مِنْ قَبْلُ.

وَإِنَّمَا كَانَ تَفَقُّدُ مَنْ تَفَقَّدَ مِنْهُمْ سَمَاعَ رُوَاةِ الحَدِيثِ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُمْ - إِذَا كَانَ الرَّاوِى مِمَّنْ عُرِفَ بالتَّدْلِيسِ فِى الحَدِيثِ وَشُهِرَ بِهِ. فَحِينَئِذٍ يَبْحَثُونَ عَنْ سَمَاعِهِ فِى رِوَايَتِهِ، وَيَتَفَقَّدُونَ ذَلِكَ مِنْهُ، كَىْ تَنْزَاحُ عَنْهُمْ عِلةُ التَّدْلِيسِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وقامت الحجة بذلك بظاهر الأوامر الشرعية، ومعلوم إجماع سَلفِ [هذه] (?) الأمة ومغيبُ أمر ذلك كله لله تعالى، وتجويز الوهم والغلط (?) غيرُ مستحيل فى كل راو ممن سُمِّى فى [سند] (?) الخبر، فإذا كثروا وطال السند كَثرت مظانُّ التجويز، وكلما قلَّ العدد قلت، حتى إن من سمع الحديث من التابعى المشهور عن الصحابى عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان أقوى طمأنينةً بصحة حديثه، ثم من سمعه من الصحابى كان أعلى درجةً فى قوة الطمأنينة، وإن كان الوهم والنسيان جائزاً على البشر، حتى إذا سمعه من النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارتفعت أسباب التجويز وانسدت أبواب احتمالات الوهم وغير ذلك، للقطع- أنه عليه السلام لا يجوز عليه شىء من ذلك فى باب التبليغ والخبر، وأن جميع ما يُخبر به حق وصدق.

قال مسلم: " إذا كان الراوى عُرِف بالتدليس ". قال القاضى: التدليس لقبٌ وضعه أئمة [الفتوى وأئمة] (?) هذه الصنعة على من أبهم بعض رواياته لمعانٍ مختلفة وأغراض متباينة، وقد كان هذا من عصر التابعين إلى هلم جرا. [و] (?) ذكر عن جماعة من جلة الأئمة ولم يضر ذلك حديثهم لصحة أغراضهم وسلامتها وأضرَّ ذلك بغيرهم. وهو على أمثلة، فمنه: أن سفيان بن عيينة (?) على جلالته من كبار أصحاب الزهرى وسمع منه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015