أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت دبابة ثم زحفوا بها إلى جدار الطائف ليخرقوه، فأرسلت عليهم ثقيف سكك الحديد محماة بالنار، فخرجوا من تحتها فرمتهم ثقيف بالنبل فقتلوا منهم رجالا، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع أعناب ثقيف، فوقع الناس فيها يقطعون، وتقدم أبو سفيان والمغيرة بن شعبة إلى الطائف فنادى: يا ثقيف أن آمنوا حتى نكلّمكم، فامنوهما فدعا من قريش وبني كنانة ليخرجن إليهما وهما يخافان عليهما السبي فأتين منهن: آمنة بنت أبي سفيان كانت عند عروة بن مسعود له منها داود بن عروة بن مسعود فولدت له داود بن أبي مرة، فلما أتين عليهما قال لهما ابن الأسود بن مسعود: يا أبا سفيان ويا أبا مغيرة ألا أدلكما على خير مما جئتما له، إن مال بني الأسود حيث قد علمنا- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين الطائف نازلا بواد يقال له العقيق، إنه ليس بالطائف مال أبعد رشاء، ولا أشد مؤنة، ولا أبعد عمارة من مال بني الأسود، وأن محمدا كان أقطعه لم يعمره أبدا- فكلماه فليأخذه لنفسه، أو ليدعه لله والرحم. وأن بيننا وبينه من القرابة ما لا يجهل، فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تركه ونزل على النبيّ صلى الله عليه وسلم في إقامته- وكان محاصرا بالطائف- عبيد فأسلموا فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتكلم نفر من أهل الطائف بعد ما أسلموا في أولئك العبيد فقال: «هم عتقاء الله» (?) .

وفي البخاري أن مروان والمسور بن مخرمة أخبرا عروة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قام حين جاء وفد هوازن فسألوه أن يردّ عليهم أموالهم وسبيهم، فقال: «إن معي من ترون وأحب الحديث إليّ أصدقه، فاختاروا إحدى الطائفتين، إما المال وإما السبي، وقد كنت استأنيت بهم» - وكان النبيّ صلى الله عليه وسلم استأنى بهم بضع عشرة ليلة حين قفل من الطائف- فلما تبين لهم أن النبيّ صلى الله عليه وسلم غير راد إليهم إلا إحدى الطائفتين قالوا: فإنّما نختار سبينا، فقام النبيّ صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله. ثم قال: «أما بعد: فإن إخوانكم جاؤونا تائبين وإني رأيت أن أرد إليهم سبيهم، فمن أحب منكم أن يطيب بذلك فليفعل، ومن أحب أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيئ الله علينا فليفعل» ، فقال الناس: طبنا، فقال: «إنا لا ندري من أذن منكم ممن لم يأذن فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم» فرجع الناس، فكلمهم عرفاؤهم ثم رجعوا إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فأخبروه أنهم طيبوا وأذنوا فهذا الذي بلغنا عن سبي هوازن (?) .

من الفقه هبة الشيء للغائب ذكره البخاري، اختلاف العلماء في أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم ونواهيه قال أصحاب الظاهر وبعض أهل الحديث: أوامر النبيّ صلى الله عليه وسلم فرض، ونواهيه حرام. جعلوا قوله كالقرآن، وقال آخرون: أوامره على ما تلقاها العلماء فما حملوه على الفرض فهو فرض، وما حملوه على السنة أو على الندب فهو كذلك، ونواهيه حرام وهذا مذهب أصحاب مالك.

ويؤيد ذلك أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه ثلاثا قبل أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015