قال أحمد: وفي هذا دليل على الرجوع في الهبة إذا لم تقبض، والرجوع في الصدقة لا يحل لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
ووقع في البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «العائد في هبته كالكلب يقيئ ثم يعود في قيئه» (?) .
ووقع أيضا في المدونة والواضحة وفي البخاري وغيره عن أبي هريرة قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث وقال لنا: «إن لقيتم فلانا وفلانا» لرجلين من قريش سماهما «تحرقوهما بالنار» ، ثم أتيناه نودعه حين أردنا الخروج فقال: «إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلانا وفلانا بالنار، وإن النار لا يعذب بها إلا الله فإن أخذتموهما فاقتلوهما» . وأحد الرجلين: هبار بن الأسود، والاخر: نافع ابن عبد عمر» .
وفيما ذكره البزار في مسنده، وذكره ابن إسحاق في السير: إن اسمه نافع بن عبد شمس الفهري، وكانا قد اتبعا زينب ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وقعة بدر في خروجها إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى المدينة من مكة في جملة من قريش تبعوها، فأول من لحقها: هبّار وصاحبه بذي طوى، وهي حامل في هودج على بعير، فنخس هبار البعير فسقطت زينب وألقت ما في بطنها، وكان حموها كنانة بن الربيع أخو زوجها أبي العاصي بن الربيع خرج معها يقود بها ومعه قوسه وكنانته، فلما أدركوه ترك كنته، ونثر كنانته، ثم قال: والله لا يدنو مني رجل إلا وضعت فيه سهما، فتكركر الناس عنه. وأتى أبو سفيان في جملة من قريش فقال: أيها الرجل كف عني نبلك حتى أكلمك.
فأقبل أبو سفيان حتى وقف عليه فقال: إنك لم تصب، خرجت بالمرأة على رؤوس الناس علانية وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا، وما دخل علينا من محمد فيظن الناس إذا خرجت بابنته علانية على رؤوس من بين أظهرنا أن ذلك من ذل أصابنا عن معصيتنا التي كانت، وإن ذلك منا عن ضعف ووهن. فو الله ما لنا في تخلّيها عن أبيها من حاجة، وما لنا في ذلك من ثورة، ولكن ارجع بالمرأة حتى إذا هدأت الأصوات وتحدّث الناس: أن قد رددناها، فسلّها سرا، وألحقها بأبيها، ففعل، فأقامت ليالي حتى إذا هدأت الأصوات، خرج بها ليلا حتى أسلمها إلى زيد بن حارثة وصاحبه، وكانا قد خرجا معه وكمنا ببعض تلك الشعب، فقدما بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم (?) .
وفي السير: أول من رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإسلام بالمنجنيق أهل الطائف. دخل نفر من