قالَ بنُ القيم ِ رحمَهُ الله: ومَنْ أطلقَ نظرَهُ دامتْ حسرتُه فأضرُّ شيءٍ على القلب ِ إرسالُ البصرِ فإنَّهُ يُريهِ ما لاصبرَ لهُ عنهُ ولا وصولَ لهُ إليه وذلكَ غايةُ ألمِهِ وعذابِهِ. (?)
وقد قيل:
وأنتَ متى أرسلتَ طرفَك رائداً ... لقلبِك يوماً أتعبتْك المناظِرُ
رأيتَ الذي لاكلَّهُ أنتَ قادرٌ ... عليه ِ ولا عَنْ بعضِهِ أنتْ صابرُ
قالَ بنُ القيم ِ رحمَهُ الله: والناظرُ إنَّما يرمي مِنْ نظرِه ِ بسهام ٍ هدفُها قلبُهُ.
يا رامياً بسهام ِ اللحظ ِمجتهداً ... أنتَ القتيلُ بما تَرْم ِ فلا تُصِب ِ
وباعثَ الطرْف ِ يرتادُ الشفاءَ لَهَ ... توقَّه إنَّهُ يأتيكَ بالعطبِ
وكما قيل:
واللهِ يا بصري الجاني على جسدي ... لأطفئنَّ بدمعي لوعة َ الحَزَن ِ
تالله ِ تطمعُ أنْ أبكي هوىً وضنىً ... وأنتَ تشبعُ مِنْ نوم ٍ ومِنْ وسَن ِ
هيهاتَ حتى تُرى طرفاً بلا نظر ... كما أَرَى في الهوى شخصاً بلا بدَن ِ
عَنْ أبي أمامةَ - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ الله ِ - صلى الله عليه وسلم - (النظرُ سهمٌ مسمومٌ مِنْ سهام ِ إ بليس مَنْ تركَهُ مخافتي أبد لتُهُ إيماناً يجدُ حلاوتَه في قلبِه ِ) رواه أحمد
فالنظرُ سهمٌ مسموم يصيبُ القلبَ بجروح ٍ وهموم كما أخبرَ المعصوم فإنْ لم يصبِ القلبَ شهوة أصابتْه محبةٌ وحسره. قالَ بنُ القيم ِ رحمَهُ اللهُ: فإنَّ السهمَ شأنُهُ أنْ يسريَ في القلب ِ فيعملَ فيه عملَ السُمِّ الذي يُسْقاه المسموم فإنْ بادرَ و ا ستفرغَه وإلا قتله. (?)