الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ، أَفَتَتّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِى وَهُمْ لَكُمْ عَدُو؟ بِئْسَ لِلظَّالِمينَ بَدَلا} [الكهف: 50] .

فصل

وأما كيده للأبوين:

فقد قص الله [الأعراف: 20- 22] سبحانه علينا قصته معهما، وأنه لم يزل يخدعهما، ويعدهما، ويمنيهما الخلود فى الجنة، حتى حلف لهما بالله جهد يمينه: إنه ناصح لهما، حتى اطمأنا إلى قوله وأجاباه إلى ما طلب منهما، فجرى عليهما من المحبة والخروج من الجنة ونزع لباسهما عنهما ما جرى، وكان ذلك بكيده ومكره الذى جرى به القلم، وسبق به القدر، ورد الله سبحانه كيده عليه، وتدارك الأبوين برحمته ومغفرته، فأعادهما إلى الجنة على أحسن الأحوال وأجملها، وعاد عاقبة مكره عليه.

{وَلا يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ} [فاطر: 43] .

وظن عدو الله بجهله أن الغلبة والظفر له فى هذه الحرب، ولم يعلم بكمين جيش:

{رَبّنَا ظَلَمْنَا أَنْفَسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرينَ} [الأعراف: 23] .

ولا بإقبال دولة {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} [طه: 122] .

وظن اللعين بجهله أن الله سبحانه يتخلى عن صفيه وحبيبه الذى خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، وعلمه أسماء كل شيء، من أجل أكلة أكلها.

وما علم أن الطبيب قد علم المريض الدواء قبل المرض، فلما أحس بالمرض بادر إلى استعمال الدواء، لما رماه العدو وبسهم وقع فى غير مقتل فى غير مقتل، فبادر إلى مداواة الجرح، فقام كأن لم يكن به قلبة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015