وقال: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعيِشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَي} [طه: 124] .

والمقصود: أن من سلم من فتنة الشبهات والشهوات جمع له بين الهدى والرحمة، والهدى والفلاح.

قال تعالى عن أوليائه: {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَة إِنّكَ أنت الْوَهَّابُ} [آل عمران: 8] وقال تعالى: {وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الألْوَاحَ وَفِى نُسْخَتهَا هُدًى وَرَحْمَة لِلَّذِينَ هُمْ لِربِّهِمْ يَرْهَبُونَ} [الأعراف: 154] وقال تعالى: {هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَة لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [الأعراف: 203] وقال تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِى قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِى الأَلْبَابِ مَا كانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلكِنْ تصديِقَ الّذِى بَيْنَ يَدَيَهِ وتفصيل كُلِّ شَئ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [يوسف: 111] وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَة مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاء لَمِا فِى الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 57] .

فقوله: "هذا بصائر من ربكم" عام مطلق، وقوله: "وهدى ورحمة لقوم يوقنون" خاص بأهل اليقين.

ونظير ذلك قوله {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَة مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لَمِا فِى الصُّدُورِ وَهُدى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤمِنِينَ} [يونس: 57] .

ونظيره فى الخصوص قوله تعالى: {هُدًى لِلْمُتّقِينَ} [البقرة: 2] وقوله: {يَهْدِى بِهِ اللهُ مَنِ اُتَبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ} [المائدة: 16] .

ونظيره أيضا قوله: {هذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتّقِينَ} [آل عمران: 138] .

وقد أخبر أنه هدى عام لجميع المكلفين. فقال: {إِنْ يَتّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الهُدْى} [النجم: 23] .

فأخبر سبحانه أن القرآن بصائر لجميع الناس. والبصائر جمع بصيرة، وهى فعيلة بمعنى مفعلة، أى مبصرة لمن تبصر. ومنه قوله تعالى: {وَآتَيْنَا ثُمودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً} [الإسراء: 59] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015