قال: ومنهم من يقول: هو مباح للضرورة، مثل أن يبقى الرجل أربعين يوما لا يجامع، إلى أمثال هذه الأمور التى خاطبنى فيها وسألنى عنها طوائف من الجند والعامة والفقراء.

قال: ومنهم من قد بلغه خلاف بعض العلماء فى وجوب الحد فيه، فظن أن ذلك خلاف فى التحريم، ولم يعلم أن الشيء قد يكون من أعظم المحرمات، كالميتة والدم ولحم الخنزير، وليس فيه حد مقدر.

ثم ذلك الخلاف قد يكون قولا ضعيفا، فيتولد من ذلك القول الضعيف الذى هو من خطأ بعض المجتهدين، وهذا الظن الفاسد الذى هو خطأ بعض الجاهلين: تبديل الدين، وطاعة الشيطان، ومعصية رب العالمين، فإذا انضافت الأقوال الباطلة إلى الظنون الكاذبة، وأعانتها الأهواء الغالبة، فلا تسأل عن تبديل الدين بعد ذلك، والخروج عن جملة الشرائع بالكلية.

ولما سهل هذا الأمر فى نفوس كثير من الناس صار كثير من المماليك يتمدح بأنه لا يعرف غير سيده، أنه لم يطأه سواه، كما تتمدح الأمة والمرأة بأنها لا تعرف غير سيدها وزوجها، وكذلك كثير من المردان يتمدح بأنه لا يعرف غير خدينه وصديقه، أو مؤاخيه أو معلمه، وكذلك من الفاعلين يتمدح بأنه عفيف عما سوى خدنه الذى هو قرينه وعشيره كالزوجة، أو عما سوى مملوكه، الذى هو كسريته.

ومنهم من يرى أن التحريم إنما هو إكراه الصبى على فعل الفاحشة، فإذا كان مختارا راضيا لم يكن بذلك بأس، فكأن المحرم عنده من ذلك إنما هو الظلم والعدوان بإكراه المفعول به.

قال شيخنا: وحكى لى من أثق به: أن بعض هؤلاء أخُذِ على هذه الفاحشة، فحكم عليه بالحد، فقال: والله هو ارتضى بذلك، وما أكرهته ولا غصبته، فكيف أعاقب؟ فقال نصير المشركين - وكان حاضرا - هذا حكم محمد بن عبد الله وليس لهؤلاء ذنب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015