ومن هؤلاء من يعتقد أن العشق إذا بلغ بالعاشق إلى حد يخاف معه التلف أبيح له وطء معشوقه للضرورة، وحفظ النفس، كما يباح له الدم والميتة ولحم الخنزير فى المخمصة.
وقد يبيح هؤلاء شرب الخمر على وجه التدواى، وحفظ الصحة إذا سلم من معرة السكر ولا ريب أن الكفر والفسوق والمعاصى درجات، كما أن الإيمان والعمل الصالح درجات، كما قال تعالى:
{هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ الله وَاللهُ بَصِيرٌ بَما يَعْمَلُونَ} [آل عمران: 163] وقال: {وَلِكلٍّ دَرَجَاتٌ مّمِا عَمِلُوا، وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 132] . وقال {إنَما النّسِئُ زِيَادَةٌ فِى الْكُفْر} [التوبة: 37] وقال {فَأَمَّا الّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إيمَاناًِ وَهُمْ يَسْتَبِشرُونَ وَأمَّا الّذِينَ فِى قُلُوبهمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رجْساً إلَى رِجْسِهِمْ} [التوبة: 124 - 125] .
ونظائره فى القرآن كثيرة.
ومن أخف هؤلاء جرما: من يرتكب ذلك معتقدا تحريمه، وأنه إذا قضى حاجته قال: استغفر الله فكأن ما كان لم يكن.
فقد تلاعب الشيطان بأكثر هذا الخلق، كتلاعب الصبيان بالكرة، وأخرج لهم أنواع الكفر والفسوق والعصيان فى كل قالب.
وبالجملة فمراتب الفاحشة متفاوتة بحسب مفاسدها، فالمتخذ خدْناً من النساء والمتخذة خدنا من الرجال أقل شرا من المسافح والمسافحة مع كل أحد، والمستخفى بما يرتكبه أقل إثما من المجاهر المستعلن، والكاتم له أقل إثما من المخبر المحدِّث للناس به، فهذا بعيد عن عافية الله تعالى وعفوه، كما قال النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "كُلُّ أُمَّتِى معافى إلا المُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أَنْ يَسْتُرَ اللهُ تعَالى عَلَيْهِ ثُمً يُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللهِ عَنْهُ، يَقُولُ، يَا فُلاَن، فَعَلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا فَيَبِيتُ رَبُّهُ يَسْتُرُهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللهِ عَنْ نَفْسِهِ" أو كما قال.
وفى الحديث الآخر عنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "مَنِ اُبْتُلِى مِنْ هذِهِ الْقَاذُورَاتِ بِشَيءْ فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللهِ، فَإنَّهُ مَنْ يُبْدِ لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللهِ":