وشبهة من أسقط فيه الحد: أن فحش هذا مركوز فى طباع الأمم. فاكتفى فيه بالوازع الطبعى، كما اكتفى بذلك فى أكل الرجيع وشرب البول والدم، ورتب الحد على شرب الخمر، لكونه مما تدعو إليه النفوس.

والجمهور يجيبون عن هذا بأن فى النفوس الخبيثة المتعدية حدود الله أقوى الداعى لذلك فالحد فيه أولى من الحد فى الزنا، ولذلك وجب الحد على من وطئ أمه وابنته وخالته وجدته وإن كان فى النفوس وازع وزاجر طبعى عن ذلك، بل حد هذا القتل بكل حال بكرا كان أو محصنا فى أصح الأقوال، وهو مذهب أحمد وغيره. هذا ونفرة النفوس عن ذلك أعظم بكثير من نفرتها عن المردان.

ونظير هذا الظن الكاذب، والغلط الفاحش: ظن كثير من الجهال أن الفاحشة بالمملوك كالمباحة، أو مباحة، أو أنها أيسر من ارتكابها من الحر، وتأولت هذه الفرقة القرآن على ذلك، وأدخلت المملوك فى قوله: {إلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أيْمَانُهُمْ فَإنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: 6، المعارج: 30] .

وحتى إن بعض النساء لتمكن عبدها من نفسها، تتأول القرآن على ذلك، كما رفع إلى عمر بن الخطاب امرأة تزوجت عبدها، وتأولت هذه الآية، ففرق عمر رضى الله عنه بينهما، وأدبها، وقال "ويحك، إنما هذا للرجال لا للنساء".

ومن تأول هذه الآية على وطء الذكران من المماليك فهو كافر باتفاق الأمة قال شيخنا: ومن هؤلاء من يتأول قوله تعالى: {وَلَعَبْد مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مٍنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} [البقرة: 221] .

على ذلك، قال: وقد سألنى بعض الناس عن هذه الآية، وكان ممن يقرأ القرآن فظن أن معناها فى إباحة ذكران العبيد المؤمنين.

قال: ومنهم من يجعل ذلك مسألة نزاع، يبيحه بعض العلماء، ويحرمه بعضهم، ويقول: اختلافهم شبهة، وهذا كذب وجهل، فإنه ليس فى فرق الأمة من يبيح ذلك، بل ولا فى دين من أديان الرسل، وإنما يبيحه زنادقة العالم، الذين لا يؤمنون بالله ورسله، وكتبه واليوم الآخر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015