عليهما السلام: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِىُّ الأمِينُ} [القصص: 26] .

وقال تعالى فى وصفه: {عَلّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مٍرَّةٍ فَاسْتَوى} [النجم: 5-6] .

قال ابن عباس رضى الله عنهما "ذو منظر حسن" وقال قتادة "ذو خلق حسن" وقال ابن جرير: "عنى بالمرة صحة الجسم وسلامته من الآفات والعاهات، والجسم إذا كان كذلك من الإنسان كان قويا".

والمرة واحدة المرر، وإنما أريد به ذو مرة سوية، ومنه قول النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم:

"لا تحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِى، وَلا لِذِى مِرَّةٍ سَوِى".

قلت: هذا حجة من قال: المرة القوة فى الآية، وهو قول مجاهد وابن زيد، وهو قول ضعيف. لأنه قد وصفه قبل ذلك بأنه: {شَدِيدُ الْقُوَى} [النجم: 5] .

ولا ريب أن المرة فى الحديث هى القوة، لا المنظر الحسن، فإما أن يقال: المرة تقال على هذا وعلى هذا، وإما أن يقال - وهو الأظهر -: إن المرة هى الصحة والسلامة من الآفات والعاهات الظاهرة والباطنة، وذلك يستلزم كمال الخلقة وحسنها وجمالها. فإن العاهة والآفة إنما تكون من ضعف الخلقة والتركيب، فهى قوة وصحة تتضمن جمالا وحسنا، والله أعلم.

وقالت اليهود للنبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم "من صاحبك الذى يأتيك من الملائكة؟ فإنه ليس من نبى إلا يأتيه ملك بالخبر؟ قال: "هو جبريل". قالوا: ذاك الذى ينزل بالحرب والقتال، ذاك عدونا، لو قلت: ميكائيل الذى ينزل بالنبات والقطر والرحمة؟ فأنزل الله تعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوا لْجِبِريلَ فَإنَّه نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإذْنِ اللهِ مُصَدِّقاً لَمِا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ مَنْ كَانَ عَدُوا للهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإنَّ اللهَ عَدُوٌ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 97 - 98] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015