فتوسل إليه سبحانه بربوبيته العامة والخاصة لهؤلاء الأملاك الثلاثة الموكلين بالحياة.

فجبريل موكل بالوحى الذى به حياة القلوب والأرواح، وميكائيل موكل بالقطر الذى به حياة الأرض والنبات والحيوان، وإسرافيل موكل بالنفخ فى الصور الذى به حياة الخلق بعد مماتهم.

فسأله رسوله بربوبيته لهؤلاء أن يهديه لما اختلف فيه من الحق بإذنه، لما فى ذلك من الحياة النافعة.

وقد أثنى الله سبحانه على عبده جبريل فى القرآن أحسن الثناء، ووصفه بأجمل الصفات فقال:

{فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنسِ وَالليْلِ إذَا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ إذَا تَنَفَّسَ إِنَّهُ لَقَولُ رَسُولِ كَرِيمٍ ذِى قُوَْةٍ عِنْدَ ذِى الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِين} [التكوير: 15- 21] .

فهذا جبريل، فوصفه بأنه رسوله، وأنه كريم عنده، وأنه ذو قوة ومكانة عند ربه سبحانه، وأنه مطاع فى السماوات، وأنه أمين على الوحى.

فمن كرمه على ربه: أنه أقرب الملائكة إليه.

قال بعض السلف: منزلته من ربه منزلة الحاجب من الملك.

ومن قوته: أنه رفع مدائن قوم لوط على جناحه، ثم قلبها عليهم. فهو قوى على تنفيذ ما يؤمر به، غير عاجز عنه، إذ تطيعه أملاك السماوات فيما يأمرهم به عن الله تعالى.

قال ابن جرير فى "تفسيره": عن إسماعيل بن أبى خالد عن أبى صالح: أمين على أن يدخل سبعين سُرادقاً من نور بغير إذن.

ووصفه بالأمانة يقتضى صدقه ونصحه، وإلقاءه إلى الرسل ما أمر به من غير زيادة ولا نقصان ولا كتمان. فالمكانة والأمانة والقوة والقرب من الله. ونظير الجمع له بين المكانة والأمانة: قول العزيز ليوسف عليه السلام: {إِنّكَ الْيَوْمَ لَدَيَنَا مَكِين أَمِينٌ} [يوسف: 54] .

والجمع بين القوة والأمانة: نظير قول ابنه شعيب فى موسى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015