وقد يكون التعريض بالقول والفعل معاً، كما قال سليمان عليه السلام "ائتونى بالسكين أشقه بينكما" وقد يكون بإظهار الصمم وأنه لا يسمع، وبإظهار النوم، وإظهار الشبع، وإظهار الغنى، بحيث يحسبه الجاهل غنيا.

وكما يقع الإجمال فى الأقوال فكذلك يقع فى الأفعال، كما أعطى النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عمر رضى الله عنه حلة من حرير، فلما لبسها أنكر عليه وقال: "لم أعطكها لتلبسها" فكساها أخا له مشركاً بمكة.

فكل من الإجمال والاشتراك والاشتباه يقع فى الألفاظ تارة، وفى الأفعال تارة، وفيهما معاً تارة.

ومن أنواع التعريض: أن يتكلم المتكلم بكلام حق يقصد به حقيقته وظاهره، ويوهم السامع نسبته إلى غير قائله، ليقبله ولا يرده عليه، أو ليتخلص به من شره وظلمه، كما أنشد عبد الله بن رواحة رضى الله تعالى عنه امرأته تلك الأبيات، وأوهمها أنه يقرأ وكذلك إذا كان الرجل يريد تنفيذ حق صحيح، ولكن لا يقبل منه، لكونه هو أو من لا يحسن به الظن قائله، فإذا عرّض للمخاطب بنسبة الكلام إلى معظم يقبله منه كان من أحسن التعريض، كما علمه أبو حنيفة - رحمه الله أصحابه -، حين شكوا إليه: إنا نقول لهم: قال أبو حنيفة، فيبادرون بالإنكار. فقال: قولوا لهم المسألة، فإذا استحسنوها ووقعت منهم بموقع، فقولوا: هذا قول أبى حنيفة. وكما يجرى لأصحابنا مع الجهمية وفروخهم كثيراً.

فصل

وأما استدلالهم بأن الله سبحانه علم نبيه يوسف عليه السلام الحيلة التى توصل بها إلى أخذ أخيه، إلى آخره.

فهذا قد ظن بعض أرباب الحيل أنه حجة لهم فى هذا الباب، وليس كما زعموا، والاستدلال بذلك من أبطل الباطل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015