وبمنزلة الاستدلال بقوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا المُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] .

على صحة النكاح بلا ولى وبلا شهود وغير ذلك من الصور المختلف فيها.

وبمنزلة الاستدلال بقوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] .

على حل كل نكاح اختلف فيه، فيستدل به على صحة نكاح المتعة، والمحلل، والشغار، والنكاح بلا ولى وبلا شهود، ونكاح الأخت، ونكاح الزانية، والنكاح المنفى فيه المهر، وغير ذلك، وهذا كله استدلال فاسد فى النظر والمناظرة.

ومن العجب أن ينكر من يسلكه على ابن حزم استدلاله بقوله تعالى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذلِكَ} [البقرة: 233] .

على وجوب نفقة الزوج على زوجته، إذا أعسر بالنفقة، وكان لها ما تنفق منه، فإنها وارثة له، وهذا أصح من تلك الاستدلالات، فإنه استدلال بعام لفظا ومعنى. وقد علق الحكم فيه بمعنى مقصود يقتضى العموم وتلك مطلقة لا عموم فيها لفظاً ولا معنى، ولم يقصد بها تلك الصور التى استدلوا بها عليها.

إذا عرف هذا، فالاستدلال بقوله "بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيبا" لا يدل على جواز بيع العينة بوجه من الوجوه، فمن احتج به على جوازه وصحته فاحتجاجه باطل.

وليس الغالب أن بائع التمر بدراهم يبتاع بها من المشترى، حتى يقال: هذه الصورة غالبة، بل الغالب أن من يفعل ذلك يعرضه على أهل السوق عامة، أو حيث يقصد، أو ينادى عليه. وإذا باعه لواحد منهم، فقد تكون عنده السلعة التى يريدها وقد لا تكون.

ومثل هذا: إذا قال الرجل فيه لموكله: بع هذا القطن واشتر بثمنه ثياب قطن، أو بع هذه الحنطة العتيقة، واشتر بثمنها جديدة، لا يكاد يخطر بباله الاشتراء من ذلك المشترى بعينه، بل يشترى من حيث وجد غرضه. ووجود غرضه عند غيره أغلب من وجوده عنده.

فإن قيل: فهب أن الأمر كذلك، فهلا نهاه عن تلك الصورة، وإن لم يدخل فى لفظه؟ فإطلاقه يقتضى عدم النهى عنه.

قيل: إطلاق اللفظ لا يقتضى المنع منها، ولا الإذن فيها، كما تقدم بيانه، فحكمها إذنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015