التمر الجيد لمن عنده رديء. وهو أن يبيع الردئ بثمن ثم يبتاع بالثمن جيداً. ولم يتعرض لشروط البيع وموانعه فلا معنى للاحتجاج بهذا الحديث على نفى شرط مخصوص، كما لا يحتج به على نفى سائر الشروط، وهذا بمنزلة الاحتجاج بقوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187] .
على جواز أكل كل ذى ناب من السباع، ومخلب من الطير، وعلى حل ما اختلف فيه من الأشربة، ونحو ذلك. فالاستدلال بذلك استدلال غير صحيح، بل هو من أبطل الاستدلال. إذ لا تعرض فى اللفظ لذلك، ولا أريد به تحليل مأكول ومشروب. وإنما أريد به بيان وقت الأكل والشرب وانتهائه.
وكذلك من استدل بقوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور: 32] .
على جواز نكاح الزانية قبل التوبة، وصحة نكاح المحلل، وصحة نكاح الخامسة فى عدة الرابعة، أو نكاح المتعة، أو الشغار، أو غير ذلك من الأنكحة الباطلة، كان استدلاله باطلاً.
وكذلك من استدل بقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] .
على حل بيع الكلب، أو غيره مما اختلف فيه، فاستدلاله باطل، فإن الآية لم يرد بها بيان ذلك. وإنما أريد بها الفرق بين عقد الربا وبين عقد البيع، وأنه سبحانه حرم هذا وأباح هذا فأما أن يفهم منه أنه أحل بيع كل شئ، فهذا غير صحيح، وهو بمنزلة الاستدلال بقوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا} [الأعراف: 31] .
على حل كل مأكول ومشروب.
وبمنزلة الاستدلال بقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ".
على حل الأنكحة المختلف فيها.
وبمنزلة الاستدلال بقوله تعالى: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النسَاءَ فَطَلِّقوهُنَّ لِعِدَّتهِنَّ} [الطلاق: 1] .
على جواز جمع الثلاث ونفوذه، وعلى صحة طلاق المكره والسكران.