واحتيال البائع على فسخ البيع، بدعواه أنه كان محجوراً عليه. واحتيال المشترى على الفسخ بأنه لم ير المبيع. واحتيال المؤجر على المستأجر فى فسخ الإجارة. أو احتيال المستأجر عليه بأنه استأجر ما لم يره. واحتيال الراهن على المرتهن فى فسخ الرهن، بأن يظهر أنه آجره قبل الرهن، أو كان رهنه عند زوجته، أو أمته، ونحو ذلك.
فهذا النوع لا يستريب أحد أنه من كبائر الإثم، وهو من أقبح المحرمات، وهو بمنزلة لحم خنزير ميت حرام، وأنه فى نفسه معصية، لتضمنه الكذب والزور. ومن جهة تضمنه إبطال الحق، وإثبات الباطل.
القسم الثالث: ما هو مباح فى نفسه، لكن بقصد المحرم صار حراماً، كالسفر لقطع الطريق، ونحو ذلك، فهاهنا المقصود حرام، والوسيلة فى نفسها غير محرمة، لكن لما توسل بها إلى الحرام صارت حراما.
القسم الرابع: أن يقصد بالحيلة أخذ حق، أو دفع باطل، لكن تكون الطريق إلى حصول ذلك محرمة. مثل أن يكون له على رجل حق فيجحده، فيقيم شاهدين لا يعرفان غريمه، ولم يرياه يشهدان له بما ادعاه. فهذا محرم أيضاً، وهو عند الله تعالى عظيم، لأن الشاهدين يشهدان بالزور، وشهادة الزور من الكبائر. وقد حملهما على ذلك.
وكذلك لو كان له عند رجل دين فيجحده إياه. وله عنده وديعة فجحد الوديعة، وحلف أنه لم يودعه، أو كان له على رجل دين لا بينة له به. ودين آخر به بينه، لكنه اقتضاه منه، فيدعى هذا الدين. ويقيم به بينة. وينكر الاستيفاء.
أو يكون قد اشترى منه شيئاً، فظهر به عيب تلف المبيع به، فادعى عليه بثمنه، فأنكر أصل العقد. وأنه لم يشتر منه شيئاً، أو تزوج امرأة فأنفق عليها مدة طويلة. فادعت عليه أنه لم ينفق عليها شيئا، فجحد نكاحها بالكلية.
فهذا حرام أيضاً لأنه كذب. ولاسيما إن حلف عليه. ولكن لو تأول فى يمينه لم يكن به بأس فإنه مظلوم.