فإن قيل: فما تقولون لو عامله معاملة ربا، فقبض رأس ماله، ثم ادعى عليه بالزيادة المحرمة، هل يسوغُ له أن ينكر المعاملة أو يحلف عليها؟.

قيل: يسوغ له الحلف على عدم استحقاقها، وأن دعواها دعوى باطلة، فلو لم يقبل منه الحاكم هذا الجواب ساغ له التأويل فى اليمين، لأنه مظلوم، ولا يسوغُ له الإنكارُ والحلف من غير تأويل، لأنه كذب صريح. فليس له أن يقابل الفجور بمثله، كما أنه ليس له أن يكذب على من كذب عليه، أو يقذف من قذفه، أو يَفجُر بزوجةِ من فَجَر بزوجته، أو بابنة من فَجر بابْنته.

فإن قيل: فما تقولون فى مسألة الظفر؟ هل هى من هذا الباب، أو من القصاص المباح؟.

قيل: قد اختلف الفقهاء فيها على خمسة أقوال:

أحدها: أنها من هذا الباب، وأنه ليس له أن يخون من خانه. ولا يجحد من جحده. ولا يغصب من غصبه. وهذا ظاهر مذهب أحمد ومالك.

والثانى: يجوز له أن يَسْتَوْفى قدر حقه، إذا ظفر بجنسه أو غير جنسه. وفى غير الجنس يدفعه إلى الحاكم يبيعه ويستوفى ثمنه منه. وهذا قول أصحاب الشافعى.

والثالث: يجوز له أن يستوفى قدر حقه، إذا ظفر بجنس ماله. وليس له أن يأخذ من غير الجنس. وهذا قول أصحاب أبى حنيفة.

والرابع: أنه إن كان عليه دين لغيره لم يكن له الأخذ، وإن لم يكن عليه دين فله الأخذ. وهذا إحدى الروايتين عن مالك.

والخامس: أنه إن كان سبب الحق ظاهراً، كالنكاح، والقرابة، وحق الضيف، جاز للمستحق الأخذ بقدر حقه، كما أذن فيه النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لهند. "أَنْ تَأْخُذَ مِنْ مَالِ أَبى سُفْيَانَ مَا يَكْفِيهَا وَيَكْفِى بَنِيهَا".

وكما أذن لمن نزل بقوم ولم يُضيَفِّوه أن يُعْقِبَهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015