أذى المخادع وشره يصل إلى المظلوم من حيث لا يشعر، ولا يمكنه الاحتراز عنه، ولهذا قطع السارق دون المنتهب والمختلس.
ومن هذا: رأى مالك ومن وافقه: أن القاتل غيلة يقتل، وإن قتل من لا يكافئه، لمفسدة فعله، وعدم إمكان التحرز منه. ومن هذا: رأى عبد الله بن الزبير: قطع يد الزُّغلى، لعظم ضرره على الأموال، وعدم إمكان التحرز منه، فهو أولى بالقطع من السارق، وقوله قوى جداً. ومن هذا رأى الأمام أحمد قطع يد جاحد العارية، لأنه لا يمكن الاحتراز منه، بخلاف جاحد الوديعة فإنه هو الذى ائتمنه.
والعمدة فى ذلك على السنة الصحيحة التى لا معارض لها.
والقصد: أن التوصل إلى الحرام حرام، سواء توصل إليه بحيلة خفية أو بأمر ظاهر.
وهذا النوع من الحيل ينقسم قسمين:
أحدهما: ما يظهر فيه أن مقصود صاحبه الشر والظلم كحيل اللصوص، والظلمة والخونة.
والثانى: ما لا يظهر ذلك فيه، بل يظهر المحتال أن قصده الخير، ومقصوده الظلم والبغى، مثل إقرار المريض لوارث لا شئ له عنده، قصداً لتخصيصه بالمقرَّ به، أو إقراره بوارث، وهو غير وارث، إضرارا بالورثة وهذا حرام باتفاق الأمة، وتعليمه لمن يفعله حرام، والشهادة عليه حرام، إذا علم الشاهد صورة الحال. والحكم بموجب ذلك حكم باطل حرام يأثم به الحاكم باتفاق المسلمين. إذا علم صورة الحال، فهذه الحيلة فى نفسها محرمة، لأنها كذب وزور، والمقصود بها محرم، لكونه ظلما وعدواناً.
ولكن لما أمكن أن يكون صدقا اختلف العلماء فى إقرار المريض لوارث، هل هو باطل، سدا للذريعة، وردا للإقرار الذى صادف حق الورثة فيما هو متهم فيه، لأنه شهادة على نفسه فيما تعلق به حقهم، فيرد للتهمة، كالشهادة على غيره، أو هو مقبول، إحسانا للظن بالمقر، ولا سيما عند الخاتمة؟.
ومن هذا الباب: احتيال المرأة على فسخ نكاح الزوج، مع إمساكه بالمعروف، بإنكارها الإذن للولى، أو إساءة عشرة الزوج، ونحو ذلك.