ولو أحال المحال عليه صاحب المال على رجل آخر إلى ذلك الأجل جازت الحوالة، فإن مات المحال عليه الأول، لم يكن لصاحب المال على تركته سبيل، ولا على المحال عليه الثانى.

المثال السادس والسبعون: إذا رهنه دارا أو سلعة على دين، وليس عنده من يشهد على قدر الدين ويكتبه.

فالقول قول المرتهن فى قدره، ما لم يَدَّع أكثر من قيمته هذا قول مالك: وقال الشافعى، وأبو حنيفة، وأحمد: القول قول الراهن، وقول مالك هو الراجح. وهو اختيار شيخنا، لأن الله سبحانه جعل الرهن بدلا من الكتاب يشهد بقدر الحق، والشهود التى تشهد به، وقائما مقامه. فلو لم يقبل قول المرتهن فى ذلك بطلت الوثيقة من الرهن، وادعى المرتهن أنه رهن على أقل شئ، فلم يكن فى الرهن فائدة. والله سبحانه وتعالى قد قال فى آية المداينة [البقرة: 282] التى أرشد بها عباده إلى حفظ حقوق بعضهم على بعض خشية ضياعها بالجحود، أو النسيان، فأرشدهم إلى حفظها بالكتاب وأكد ذلك بأن أمرهم بكتابة الدين، وأمر الكاتب أن يكتب، ثم أكد ذلك بأن نهاه أن يأبى أن يكتب. ثم أعاد الأمر بأن يكتب مرة أخرى، وأمر من عليه الحق أن يملل، ويتقى ربه فلا يبخس من الحق شيئاً. فإن تعذر إملاؤه لسفهه أو صغره أو جنونه، أو عدم استطاعته، فوليه مأمور بالإملاء عنه. فأرشدهم إلى حفظها باستشهاد شهيدين من الرجال أو رجل وامرأتين. فأمرهم بالحفظ بالنصاب التام الذى لا يحتاج صاحب الحق معه إلى يمين، ونهى الشهود أن يأبوا إذا دعوا إلى إقامة الشهادة. ثم أكد ذلك عليهم بنهيهم أن يمتنعوا من كتابة الحقير والجليل من الحقوق، سآمة ومللا. وأخبر أن ذلك أعدل عنده، وأقوم للشهادة. فيتذكرها الشاهد إذا عاين خطه فيقيمها. وفى ذلك تنبيه على أن له أن يقيمها إذا رأى خطه وتيقنه. وإلا لم يكن بالتعليل بقوله {وأقوم للشهادة} [البقرة: 282] فائدة.

وأخبر أن ذلك أقرب إلى اليقين، وعدم الريب. ثم رفع عنهم الجناح بترك الكتابة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015