هذه السلعة، خشية هذا الصنيع، ولكن آمر من يبتاعها منك لى، فأراد المغصوب منه حيلة ترجع إليه بها سلعته.

فالحيلة: أن يبيعها أولا ممن يثق به، ولا يكتب فى كتاب هذا الشراء الثانى قبض المشترى، فإنه إذا أقر وكيل الغاصب بقبض العين من المغصوب منه، ثم جاء الرجل الذى كتب له المغصوب منه الشراء، كان أولى بها من وكيل الغاصب لأن وقت شرائه أقدم، وإقراره بقبضها وتسليمها إلى الرجل المشترى لها أولا أولى، ويرجع وكيل الغاصب على المغصوب منه بالثمن الذى دفعه إليه.

المثال الخامس والسبعون: إذا أقرضه مالاً وأجله. لزم تأجيله على أصح المذهبين، وهو مذهب مالك، وقول فى مذهب أحمد. والمنصوص عنه: أنه لا يتأجل، كما هو قول الشافعى، وأبى حنيفة، ويدل على التأجيل قوله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] وقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَالاَ تَفْعَلُونَ} [الصف: 2- 3] وقوله {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ} [الإسراء: 34] .

وقوله صَلى اللهُ تعالى عَلَيه وسلم: "المُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهمْ" وقوله: "آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ" وقوله: "يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ لواء عِنْدَ اُسْتِهِ يَوْمَ القيامة بِقَدْرِ غُدْرَتِهِ" وقوله: "لا تَغْدِرُوا" وقوله: "إنّ الْغَدْر لا يصْلُحُ". وقوله فى صفة المنافق: "إِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ".

وإخلاف الوعد مما فطر الله العباد على ذمه واستقباحه، وما رآه المؤمنون قبيحاً فهو عند الله قبيح، وعلى هذا فلا حاجة إلى التحيل على لزوم التأجيل.

وعلى القول الأخر: قد يحتاج إلى حيلة يلزم بها التأجيل.

فالحيلة فيه: أن يحيل المستقرض صاحب المال بماله إلى سنة أو نحوها، بقدر مدة التأجيل، فيكون المال على المحتال عليه إلى ذلك الأجل ولا يكون للطالب، ولا لورثته على المستقرض سبيل، ولا على المحال عليه إلى الأجل. فإن الحوالة تنقل الحق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015