الرجل أن يثبت ماله عليه، حتى يحكم الحاكم عليه وهو غائب، جاز للحاكم أن يحكم عليه فى حال غيبته مع بقائه على حجته فى أصح المذهبين. وهو قول أحمد فى الصحيح عنه، ومالك، والشافعى. وعند أبى حنيفة لا يجوز الحكم على الغائب. فإذا لم يكن فى الناحية إلا حاكم يرى هذا القول ويخشى صاحب الحق من ضياع حقه.
فالحيلة له: أن يجئ برجل، فيضمن لهذا الرجل الذى له المال جميع ماله على الرجل الغائب، ويسميه وينسبه، ويشهد على ذلك، ثم يقدمه إلى القاضى، فيقر الضامن بالضمان، ويقول: قد ضمنت له ماله على فلان بن فلان، ولا أدرى كم له عليه. ولا أدرى: له عليه مال، أم لا؟ فإن القاضى يكلف المضمون له أن يحضر بينته على ذلك بماله على فلان فإذا أحضر البينة قبلها القاضى بمحضر من هذا الضمين، وحكم على الغائب، وعلى هذا الضامن بالمال بموجب ضمانه، ويجعل القاضى هذا الضمين بالمال خصماً على الغائب، لأنه قد ضمن ما عليه. ولا يجوز الحكم على هذا الضمين حتى يحكم على المضمون عنه. ثم يحكم بذلك على الضمين لأنه فرعه، فما لم يثبت المال على الأصل لا يثبت على الفرع.
المثال الرابع والسبعون: إذا غصبه متاعاً له، ويقر له فى السر بعينه. ويجحده فى العلانية، ويريد تخليص ماله منه.
فالحيلة له: أن يبيعه ممن يثق به، ويشهد له على ذلك ببينة عادلة. ثم يبيعه بعد ذلك من الغاصب. ويكون بين البيعين من المدة ما يعرفه الشهود ليوقنوا بذلك عند الأداء، فإذا أشهد الغاصب بالبيع فى الوقت المعين جاء الذى باع منه المغصوب قبله ببينته فيحكم له لسبق بينته فيرجع الغاصب على المغصوب منه بالثمن الذى دفعه إليه فُيسلَّم العين للمغصوب منه. وكذلك لو أقربها المغصوب منه لرجل يثق به، ثم باعها بعد ذلك للغاصب، ثم جاء المقر له فأقام بينة على الإقرار السابق.
فإن قيل: فلو خاف الغاصب من هذه الحيلة، وقال للمغصوب منه: لست أبتاع منك